صدقة جارية للمرحوم/ عبدالله ابراهيم الدخيل » تفسير ابن كثر » سورة الإسراء
وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) (الإسراء)
يَقُول تَعَالَى آمِرًا بِالِاقْتِصَادِ فِي الْعَيْش ذَامًّا لِلْبُخْلِ نَاهِيًا عَنْ السَّرَف " وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك " أَيْ لَا تَكُنْ بَخِيلًا مَنُوعًا لَا تُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا كَمَا قَالَتْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه يَد اللَّه مَغْلُولَة أَيْ نَسَبُوهُ إِلَى الْبُخْل تَعَالَى وَتَقَدَّسَ الْكَرِيم الْوَهَّاب وَقَوْله : " وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط " أَيْ وَلَا تُسْرِف فِي الْإِنْفَاق فَتُعْطِي فَوْق طَاقَتك وَتُخْرِج أَكْثَر مِنْ دَخْلك فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورًا وَهَذَا مِنْ بَاب اللَّفّ وَالنَّشْر أَيْ فَتَقْعُد إِنْ بَخِلْت مَلُومًا يَلُومك النَّاس وَيَذُمُّونَك وَيَسْتَغْنُونَ عَنْك كَمَا قَالَ زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمَى فِي الْمُعَلَّقَة. وَمَنْ كَانَ ذَا مَال فَيَبْخَل بِمَالِهِ عَلَى قَوْمه يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ وَمَتَى بَسَطْت يَدك فَوْق طَاقَتك قَعَدْت بِلَا شَيْء تُنْفِقهُ فَتَكُون كَالْحَسِيرِ وَهُوَ الدَّابَّة الَّتِي قَدْ عَجَزَتْ عَنْ السَّيْر فَوَقَفَتْ ضَعْفًا وَعَجْزًا فَإِنَّهَا تُسَمَّى الْحَسِير وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ الْكَلَال كَمَا قَالَ " فَارْجِعْ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فَطُور ثُمَّ اِرْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير " أَيْ كَلِيل عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا هَكَذَا فَسَّرَ هَذِهِ الْآيَة بِأَنَّ الْمُرَاد هُنَا الْبُخْل وَالسَّرَف : اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَابْن جُرَيْج وَابْن زَيْد وَغَيْرهمْ وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مَثَل الْبَخِيل وَالْمُنْفِق كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيد مِنْ ثُدِيّهمَا إِلَى تَرَاقِيهمَا فَأَمَّا الْمُنْفِق فَلَا يُنْفِق إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْده حَتَّى تُخْفِي بَنَانه وَتَعْفُو أَثَره وَأَمَّا الْبَخِيل فَلَا يُرِيد أَنْ يُنْفِق شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلّ حَلْقَة مَكَانهَا فَهُوَ يُوَسِّعهَا فَلَا تَتَّسِع " هَذَا لَفْظ الْبُخَارِيّ فِي الزَّكَاة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ زَوْجَته فَاطِمَة بِنْت الْمُنْذِر عَنْ جَدَّتهَا أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنْفِقِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَلَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّه عَلَيْك وَلَا تُوكِي فَيُوكِي اللَّه عَلَيْك " وَفِي لَفْظ " وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّه عَلَيْك " وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه قَالَ أَنْفِقْ أُنْفِق عَلَيْك " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق مُعَاوِيَة بْن أَبِي مُزَرِّد عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ يَوْم يُصْبِح الْعِبَاد فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ مِنْ السَّمَاء يَقُول أَحَدهمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُول الْآخَر اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " وَرَوَى مُسْلِم عَنْ قُتَيْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " مَا نَقَصَ مَال مِنْ صَدَقَة وَمَا زَادَ اللَّه عَبْدًا أَنْفَقَ إِلَّا عِزًّا وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّه " وَفِي حَدِيث أَبِي كَثِير عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَرْفُوعًا " إِيَّاكُمْ وَالشُّحّ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا " وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق سَعْدَان بْن نَصْر عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا يُخْرِج رَجُل صَدَقَة حَتَّى يَفُكّ لِحَيٍّ سَبْعِينَ شَيْطَانًا " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَة الْحَدَّاد حَدَّثَنَا سُكَيْن بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم الْهَجَرِيّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا عَالَ مَنْ اِقْتَصَدَ " .
كتب عشوائيه
- سبعون مسألة في الصيامسبعون مسألة في الصيام: فإن الله قد امتن على عباده بمواسم الخيرات، فيها تضاعف الحسنات، وتُمحى السيئات، وتُرفع الدرجات، ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان الذي فرضه الله على العباد، ورغبهم فيه، وأرشدهم إلى شكره على فرضه، ولما كان قدر هذه العبادة عظيمًا كان لابدّ من تعلّم الأحكام المتعلقة بشهر الصيام، وهذه الرسالة تتضمن خلاصات في أحكام الصيام وآدابه وسننه.
المؤلف : Muhammad Salih Al-Munajjid
الناشر : http://www.islamqa.com - Islam : Question & Answer Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1335
- فضل عشر ذي الحجةفضل عشر ذي الحجة: مقالةٌ بيَّن فيها الشيخ عِظَم شأن هذه الأيام العشر؛ حيث أقسم الله - جل وعلا - بها، وذكر فضائلها كما في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر الأعمال التي ينبغي أن يعملها المسلم اغتنامًا لهذه الأيام المباركة.
المؤلف : Muhammad Salih Al-Munajjid
الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1355
- هيكل الأسرة في الإسلامهيكل الأسرة في الإسلام: لقد اقتضت حكمة الحكيم الخبير - سبحانه - حفظ النوع البشري، وبقاء النسل الإنساني إعمارًا لهذا الكون الدنيوي، وإصلاحًا لهذا الكوكب الأرضي، فشرع بحكمته - وهو أحكم الحاكمين - ما ينظم العلاقات بين الجنسين الذكر والأنثى، فشرع الزواج بحكمه وأحكامه، ومقاصده وآدابه؛ إذ الزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر والبيوتات، وتنظيم أقوى الوشائج وأوفق العلاقات، واستقامة الحال، وهدوء البال، وراحة الضمير، وقد جاء هذا الكتاب مُجلِّيًا لهذه المعاني.
المؤلف : Hammodah Abd al-Aati
الناشر : http://www.islamweb.net - Islam Web Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/311436
- اللحية بين السلف والخلفاللحية بين السلف والخلف: في هذا الكتاب تكلم المؤلف عن اللحية، وجمع الأدلة من السنة النبوية على وجوب إعفائها وتحريم حلقها، وذكر كذلك أقوال بعض علماء السلف، وقارنها بأقوال المخالفين من الخلف.
المؤلف : Muhammad al-Jibaly
الناشر : Al-Kitaab & as-Sunnah Publishing
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1231
- فهم عواقب البدعفهم عواقب البدع: رسالة قيِّمة تُحذِّر الأمةَ من الوقوع في البدع والمُحدثات في الدين؛ كالاحتفال بمولد النبوي الشريف، واحتفال النصف من شعبان، والإسراء والمعراج، والتحذير من الوصايا الكاذبة، وغير ذلك مما أحدثه الناس، وفيها بيان خطر البدع على المجتمع الإسلامي.
المؤلف : Abu Al-Muntasir Bin Muhar Ali
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339179