خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) (الحج) mp3
وَقَوْله " وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده " أَيْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَلْسِنَتكُمْ وَأَنْفُسكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته " وَقَوْله " هُوَ اِجْتَبَاكُمْ " أَيْ يَا هَذِهِ الْأُمَّة اللَّه اِصْطَفَاكُمْ وَاخْتَارَكُمْ عَلَى سَائِر الْأُمَم وَفَضَّلَكُمْ وَشَرَّفَكُمْ وَخَصَّكُمْ بِأَكْرَم رَسُول وَأَكْمَل شَرْع " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " أَيْ مَا كَلَّفَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ وَمَا أَلْزَمَكُمْ بِشَيْءٍ يَشُقّ عَلَيْكُمْ إِلَّا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا فَالصَّلَاة الَّتِي أَكْبَر أَرْكَان الْإِسْلَام بَعْد الشَّهَادَتَيْنِ تَجِب فِي الْحَضَر أَرْبَع وَفِي السَّفَر تُقْصَر إِلَى اِثْنَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف يُصَلِّيهَا بَعْض الْأَئِمَّة رَكْعَة كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيث وَتُصَلَّى رِجَالًا وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَة وَغَيْر مُسْتَقْبِلِيهَا وَكَذَا فِي النَّافِلَة فِي السَّفَر إِلَى الْقِبْلَة وَغَيْرهَا وَالْقِيَام فِيهَا يَسْقُط لِعُذْرِ الْمَرَض فَيُصَلِّيهَا الْمَرِيض جَالِسًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبه إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الرُّخَص وَالتَّخْفِيفَات فِي سَائِر الْفَرَائِض وَالْوَاجِبَات وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام " بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَة " وَقَالَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى حِين بَعَثَهُمَا أَمِيرَيْنِ إِلَى الْيَمَن " بَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا" وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة وَلِهَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " يَعْنِي مِنْ ضِيق وَقَوْله " مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم " قَالَ اِبْن جَرِير نُصِبَ عَلَى تَقْدِير " مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج" أَيْ مِنْ ضِيق بَلْ وَسَّعَهُ عَلَيْكُمْ كَمِلَّةِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم قَالَ وَيُحْتَمَل أَنَّهُ مَنْصُوب عَلَى تَقْدِير اِلْزَمُوا مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم " قُلْت " وَهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ " قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِينًا قِيَمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا " الْآيَة وَقَوْله " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا " قَالَ الْإِمَام عَبْد اللَّه اِبْن الْمُبَارَك عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل" : قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعَطَاء وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل اِبْن حَيَّان وَقَتَادَة وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل" يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ " رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " قَالَ اِبْن جَرِير وَهَذَا لَا وَجْه لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يُسَمِّ هَذِهِ الْأُمَّة فِي الْقُرْآن مُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا" قَالَ مُجَاهِد : اللَّه سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل فِي الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة وَفِي الذِّكْر " وَفِي هَذَا " يَعْنِي الْقُرْآن وَكَذَا قَالَ غَيْره " قُلْت " وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ " هُوَ اِجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " ثُمَّ حَثَّهُمْ وَأَغْرَاهُمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِلَّة أَبِيهِمْ الْخَلِيل ثُمَّ ذَكَرَ مِنَّته تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّة بِمَا نَوَّهَ بِهِ مِنْ ذِكْرهَا وَالثَّنَاء عَلَيْهَا فِي سَالِف الدَّهْر وَقَدِيم الزَّمَان فِي كُتُب الْأَنْبِيَاء يُتْلَى عَلَى الْأَحْبَار وَالرُّهْبَان فَقَالَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل " أَيْ مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن " وَفِي هَذَا " رَوَى النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِيره هَذِهِ الْآيَة أَنْبَأَنَا هِشَام بْن عَمَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شُعَيْب أَنْبَأَنَا مُعَاوِيَة بْن سَلَّام أَنَّ أَخَاهُ زَيْد بْن سَلَّام أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَلَّام أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ مِنْ جِثِيّ جَهَنَّم " قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى قَالَ " نَعَمْ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى " فَادْعُوا بِدَعْوَةِ اللَّه الَّتِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَاد اللَّه وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا الْحَدِيث بِطُولِهِ عِنْد تَقْسِيم قَوْله " يَا أَيّهَا النَّاس اُعْبُدُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " مِنْ سُورَة الْبَقَرَة وَلِهَذَا قَالَ " لِيَكُونَ الرَّسُول شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس " أَيْ إِنَّمَا جَعَلْنَاكُمْ هَكَذَا أُمَّة وَسَطًا عُدُولًا خِيَارًا مَشْهُودًا بِعَدَالَتِكُمْ عِنْد جَمِيع الْأُمَم لِتَكُونُوا يَوْم الْقِيَامَة شُهَدَاء عَلَى النَّاس" لِأَنَّ جَمِيع الْأُمَم مُعْتَرِفَة يَوْمئِذٍ بِسِيَادَتِهَا وَفَضْلهَا عَلَى كُلّ أُمَّة سِوَاهَا فَلِهَذَا تُقْبَل شَهَادَتهمْ عَلَيْهِمْ يَوْم الْقِيَامَة فِي أَنَّ الرُّسُل بَلَّغَتْهُمْ رِسَالَة رَبّهمْ وَالرَّسُول يَشْهَد عَلَى هَذِهِ الْأُمَّة أَنَّهُ بَلَّغَهَا ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى هَذَا عِنْد قَوْله وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " وَذَكَرْنَا حَدِيث نُوح وَأُمَّته بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته وَقَوْله " فَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة" أَيْ قَابِلُوا هَذِهِ النِّعْمَة الْعَظِيمَة بِالْقِيَامِ بِشُكْرِهَا فَأَدُّوا حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ فِي أَدَاء مَا اِفْتَرَضَ وَطَاعَة مَا أَوْجَبَ وَتَرْك مَا حَرَّمَ وَمِنْ أَهَمّ ذَلِكَ إِقَام الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَهُوَ الْإِحْسَان إِلَى خَلْق اللَّه بِمَا أَوْجَبَ لِلْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيّ مِنْ إِخْرَاج جُزْء نُذِرَ مِنْ مَاله فِي السَّنَة لِلضُّعَفَاءِ وَالْمَحَاوِيج كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه وَتَفْصِيله فِي آيَة الزَّكَاة مِنْ سُورَة التَّوْبَة وَقَوْله وَاعْتَصِمُوا بِاَللَّهِ " أَيْ اِعْتَضِدُوا بِاَللَّهِ وَاسْتَعِينُوا بِهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَتَأَيَّدُوا بِهِ " هُوَ مَوْلَاكُمْ " أَيْ حَافِظكُمْ وَنَاصِركُمْ وَمُظَفِّركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ " فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير " يَعْنِي نِعْمَ الْوَلِيّ وَنِعْمَ النَّاصِر مِنْ الْأَعْدَاء قَالَ وُهَيْب بْن الْوَرْد " يَقُول اللَّه تَعَالَى : اِبْن آدَم اُذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْت أَذْكُرك إِذَا غَضِبْت فَلَا أَمْحَقك فِيمَنْ أَمْحَق وَإِذَا ظُلِمْت فَاصْبِرْ وَارْضَ بِنُصْرَتِي فَإِنَّ نُصْرَتِي لَك خَيْر مِنْ نُصْرَتك لِنَفْسِك " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَاَللَّه أَعْلَم آخِر تَفْسِير سُورَة الْحَجّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .

كتب عشوائيه

  • سرعة الضوء في القرآن الكريمسرعة الضوء في القرآن الكريم.

    المؤلف : Mohammed Dudah

    الناشر : http://www.nooran.org - The International Institution For The Scientific Miracles Website

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193679

    التحميل :speed of light in the Holy Quran

  • المفهوم العلمي للجبال في القرآن الكريم-

    المؤلف : Zaqlol El-Naggar

    الناشر : Al-Falah Foundation, Translation, Publication and Distribution

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/51861

    التحميل :The Geological Concept of Mountains in the Quran

  • دروس قسم التعليم بمكتب الدعوة بالربوةمناهج مختصرة في الفقه والدعوة والعقيدة والحديث ومصطلحاته تُدرس في القسم التعليمي بموقع islamhouse تعين المسلم على أن يكون على دراية بما يحتاج إليه من أمور الشرع وتعطيه فكرة عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعي إلى الله عز وجل. لا نزعم أنها نهاية المطاف لكن لابد منها من أجل بداية قوية في طلب العلم والدعوة إلى الله تعالى.

    الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/281607

    التحميل :Lessons of Educational Department in Dawah Office, RabwahLessons of Educational Department in Dawah Office, Rabwah

  • ماذا تفعل في الحالات التالية؟ماذا تفعل في الحالات التالية؟: كتابٌ جمعه الشيخ - حفظه الله - عن أمور متنوعة من المناسبات والأوقات التي يواجهها المرء المسلم في حياته، ويريد أن يعرف لها جوابًا، وكيف يتصرف فيها، بالأدلة الشرعية، من الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة النبوية.

    المؤلف : Muhammad Salih Al-Munajjid

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/321772

    التحميل :What You Should Do In The Following Situations?

  • مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراءمسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء : هذا الكتاب إنما هو جديد جديد .. جديد في أسلوبه الواضح، وجديد في منهجه العلمي الذي يعتمد على " النصوص " ويعتمد على الوثائق. إنه لا يتحدث فيحتمل حديثه الصدق أو الكذب ، ولكنه يدع النصوص والوثائق تتحدث، ولك أن تصدقها، ولك أن تكذبها حسب قوة الإقناع بها.

    المؤلف : Ahmed Deedat

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/273068

    التحميل :Crucifixion or Cruci-fiction