صدقة جارية للمرحوم/ عبدالله ابراهيم الدخيل » تفسير ابن كثر » سورة النساء
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) (النساء) 

وَقَوْلهمْ " إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه " أَيْ هَذَا الَّذِي يَدَّعِي لِنَفْسِهِ هَذَا الْمَنْصِب قَتَلْنَاهُ وَهَذَا مِنْهُمْ مِنْ بَاب التَّهَكُّم وَالِاسْتِهْزَاء كَقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ " يَا أَيّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْر إِنَّك لَمَجْنُون " وَكَانَ مِنْ خَبَر الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه وَسَخَطه وَغَضَبه وَعِقَابه أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ اللَّه عِيسَى اِبْن مَرْيَم بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى حَسَدُوهُ عَلَى مَا آتَاهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ النُّبُوَّة وَالْمُعْجِزَات الْبَاهِرَات الَّتِي كَانَ يُبْرِئ بِهَا الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه وَيُصَوِّر مِنْ الطِّين طَائِرًا ثُمَّ يَنْفُخ فِيهِ فَيَكُون طَائِرًا يُشَاهِد طَيَرَانه بِإِذْنِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمُعْجِزَات الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّه بِهَا وَأَجْرَاهَا عَلَى يَدَيْهِ وَمَعَ هَذَا كَذَّبُوهُ وَخَالَفُوهُ وَسَعَوْا فِي أَذَاهُ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهُمْ حَتَّى جَعَلَ نَبِيّ اللَّه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يُسَاكِنهُمْ فِي بَلْدَة بَلْ يُكْثِر السِّيَاحَة هُوَ وَأُمّه عَلَيْهِمَا السَّلَام ثُمَّ لَمْ يُقْنِعهُمْ ذَلِكَ حَتَّى سَعَوْا إِلَى مَلِك دِمَشْق فِي ذَلِكَ الزَّمَان وَكَانَ رَجُلًا مُشْرِكًا مِنْ عَبَدَة الْكَوَاكِب وَكَانَ يُقَال لِأَهْلِ مِلَّته الْيُونَان وَأَنْهَوْا إِلَيْهِ أَنَّ فِي بَيْت الْمَقْدِس رَجُلًا يَفْتِن النَّاس وَيُضِلّهُمْ وَيُفْسِد عَلَى الْمَلِك رَعَايَاهُ فَغَضِبَ الْمَلِك مِنْ هَذَا وَكَتَبَ إِلَى نَائِبه بِالْقُدْسِ أَنْ يَحْتَاط عَلَى هَذَا الْمَذْكُور وَأَنْ يَصْلُبهُ وَيَضَع الشَّوْك عَلَى رَأْسه وَيَكُفّ أَذَاهُ عَنْ النَّاس فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَاب اِمْتَثَلَ وَالِي بَيْت الْمَقْدِس ذَلِكَ وَذَهَبَ هُوَ وَطَائِفَة مِنْ الْيَهُود إِلَى الْمَنْزِل الَّذِي فِيهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه اِثْنَيْ عَشَر أَوْ ثَلَاثَة عَشَر وَقَالَ سَبْعَة عَشَر نَفَرًا وَكَانَ ذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة بَعْد الْعَصْر لَيْلَة السَّبْت فَحَصَرُوهُ هُنَالِكَ . فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ وَأَنَّهُ لَا مَحَالَة مِنْ دُخُولهمْ عَلَيْهِ أَوْ خُرُوجه إِلَيْهِمْ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَيّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّة ؟ فَانْتُدِبَ لِذَلِكَ شَابّ مِنْهُمْ فَكَأَنَّهُ اِسْتَصْغَرَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَعَادَهَا ثَانِيَة وَثَالِثَة وَكُلّ ذَلِكَ لَا يُنْتَدَب إِلَّا ذَلِكَ الشَّابّ فَقَالَ : أَنْتَ هُوَ وَأَلْقَى اللَّه عَلَيْهِ شَبَه عِيسَى حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ وَفُتِحَتْ رَوْزَنَة مِنْ سَقْف الْبَيْت وَأَخَذَتْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام سِنَة مِنْ النَّوْم فَرُفِعَ إِلَى السَّمَاء وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعك إِلَيَّ " الْآيَة فَلَمَّا رُفِعَ خَرَجَ أُولَئِكَ النَّفَر فَلَمَّا رَأَى أُولَئِكَ ذَلِكَ الشَّابّ ظَنُّوا أَنَّهُ عِيسَى فَأَخَذُوهُ فِي اللَّيْل وَصَلَبُوهُ وَوَضَعُوا الشَّوْك عَلَى رَأْسه وَأَظْهَرَ الْيَهُود أَنَّهُمْ سَعَوْا فِي صَلْبه وَتَبَجَّحُوا بِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُمْ طَوَائِف مِنْ النَّصَارَى ذَلِكَ لِجَهْلِهِمْ وَقِلَّة عَقْلهمْ مَا عَدَا مَنْ كَانَ فِي الْبَيْت مَعَ الْمَسِيح فَإِنَّهُمْ شَاهَدُوا رَفْعه . وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَإِنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَّ الْيَهُود أَنَّ الْمَصْلُوب هُوَ الْمَسِيح اِبْن مَرْيَم حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّ مَرْيَم جَلَسَتْ تَحْت ذَلِكَ الْمَصْلُوب وَبَكَتْ وَيُقَال إِنَّهُ خَاطَبَهَا وَاَللَّه أَعْلَم وَهَذَا كُلّه مِنْ اِمْتِحَان اللَّه عِبَاده لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَقَدْ أَوْضَحَ اللَّه الْأَمْر وَجَلَّاهُ وَبَيَّنَهُ وَأَظْهَرَهُ فِي الْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُوله الْكَرِيم الْمُؤَيَّد بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْبَيِّنَات وَالدَّلَائِل الْوَاضِحَات فَقَالَ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَق الْقَائِلِينَ وَرَبّ الْعَالَمِينَ الْمُطَّلِع عَلَى السَّرَائِر وَالضَّمَائِر الَّذِي يَعْلَم السِّرّ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْعَالِم بِمَا كَانَ وَمَا يَكُون وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْف يَكُون وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ أَيْ رَأَوْا شَبَهه فَظَنُّوهُ إِيَّاهُ وَلِهَذَا قَالَ " وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ " يَعْنِي بِذَلِكَ مَنْ اِدَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ مِنْ الْيَهُود وَمَنْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ جُهَّال النَّصَارَى كُلّهمْ فِي شَكّ مِنْ ذَلِكَ وَحَيْرَة وَضَلَال وَسُعُر وَلِهَذَا قَالَ : وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا أَيْ وَمَا قَتَلُوهُ مُتَيَقِّنِينَ أَنَّهُ هُوَ بَلْ شَاكِّينَ مُتَوَهِّمِينَ .
كتب عشوائيه
- حبي العظيم للمسيح قادني إلى الإسلامحبي العظيم للمسيح - عليه السلام - قادني إلى الإسلام: تبين هذه الرسالة كيف أثر المسيح - عليه السلام - في اعتناق الكاتب لدين الإسلام، وكيف أثر الإسلام في حياته، وكيف تأثرت حياة الأخرين نتيجة اسلامه، وفي النهاية عقد مقارنة بين نصوص من القرآن الكريم والكتاب المقدس. - مصدر الكتاب موقع: www.myloveforjesus.com
المؤلف : Saimon Al-Fareedu Karaballow
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/231680
- النار .. رؤية من الداخلالنار .. رؤية من الداخل: كتاب فيه وصف النار، وتعريفها وذكر عذابها، وعدد خزنتها من الملائكة، وغير ذلك مما يخص النار من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.islamweb.net - Islam Web Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/341104
- المملكة العربية السعودية في 100 سؤالكثيرًا ممن جاءوا إلى المكلة العربية السعودية إما زائرين أو عاملين قد انبهروا بالتنمية الكبيرة في جميع أرجاء البلاد. وقد اعترف هؤلاء بأن صورة المجتمع السعودي كانت مختلفة تمامًا قبل مجيئهم إليها، وعيشهم فيها. هذا الكتاب يهدف إلى تقديم إجابات سهلة شاملة للعديد من الأسئلة التي يلقيها البعض عن هذا البلد. تمت صياغة هذه الإجابات بأسلوب سهل معبر عن نواحي الحياة الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية، في هذا البلد.
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/324622
- الملخص في شرح كتاب التوحيدكتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد : كتاب يحتوي على بيان لعقيدة أهل السنة والجماعة بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية، وهوكتاب عظيم النفع في بابه، بين فيه مؤلفه - رحمه الله - التوحيد وفضله، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع، وفي هذه الصفحة شرح مختصر لهذا المتن النفيس للعلامة صالح الفوزان - حفظه الله - كتبه على الطريقة المدرسية الحديثة؛ ليكون أقرب إلى أفهام المبتدئين.
المؤلف : Saleh Bin Fawzaan al-Fawzaan
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264095
- عالم الملائكة الأبرارعالم الملائكة الأبرار : الإيمان بالملائكة أصل من أصول الاعتقاد، ولا يتم الإيمان إلا به، والملائكة عالم من عوالم الغيب التي امتدح الله المؤمنين بها، تصديقاً لخبر الله سبحانه وأخبار رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بسطت النصوص من الكتاب والسنة هذا الموضوع وبينت جوانبه، ومن يطالع هذه النصوص في هذا الجانب يصبح الإيمان بالملائكة عنده واضحاً، وليس فكرة غامضة وهذا ما يعمق الإيمان ويرسخه فإن المعرفة التفصيلية أقوى وأثبت من المعرفة الإجمالية. وفي هذا الإطار يأتي الكتاب الذي بين يدينا، الذي يضم دراسة نظرية جاءت على ضوء الكتاب والسنة وتحدثت عن عالم الملائكة صفاتهم، قدراتهم، مادة خلقهم، أسماءهم، عبادتهم، علاقتهم بين آدم دورهم في تكوين الإنسان، محبتهم للمؤمنين، حملهم للعرش، مكانتهم الخ.
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/283516