صدقة جارية للمرحوم/ عبدالله ابراهيم الدخيل » تفسير ابن كثر » سورة المائدة
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) (المائدة)
أَيْ مُسْتَجِيبُونَ لَهُ مُنْفَعِلُونَ عَنْهُ " سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك " أَيْ يَسْتَجِيبُونَ لِأَقْوَامٍ آخَرِينَ لَا يَأْتُونَ مَجْلِسك يَا مُحَمَّد وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَتَسَمَّعُونَ الْكَلَام وَيَنْهُونَهُ إِلَى قَوْم آخَرِينَ مِمَّنْ لَا يَحْضُر عِنْدك مِنْ أَعْدَائِك " يُحَرِّفُونَ الْكَلِم مِنْ بَعْد مَوَاضِعه " أَيْ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله وَيُبَدِّلُونَهُ مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا " قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَقْوَام مِنْ الْيَهُود قَتَلُوا قَتِيلًا وَقَالُوا : تَعَالَوْا حَتَّى نَتَحَاكَم إِلَى مُحَمَّد فَإِنْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ فَاقْبَلُوهُ وَإِنْ حَكَمَ بِالْقِصَاصِ فَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ وَالصَّحِيح أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا وَكَانُوا قَدْ بَدَّلُوا كِتَاب اللَّه الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْر بِرَجْمِ مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ فَحَرَّفُوهُ وَاصْطَلَحُوا فِيمَا بَيْنهمْ عَلَى الْجَلْد مِائَة جَلْدَة وَالتَّحْمِيم وَالْإِرْكَاب عَلَى حِمَارَيْنِ مَقْلُوبَيْنِ فَلَمَّا وَقَعَتْ تِلْكَ الْكَائِنَة بَعْد الْهِجْرَة قَالُوا فِيمَا بَيْنهمْ تَعَالَوْا حَتَّى نَتَحَاكَم إِلَيْهِ فَإِنْ حَكَمَ بِالْجَلْدِ وَالتَّحْمِيم فَخُذُوا عَنْهُ وَاجْعَلُوهُ حُجَّة بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه وَيَكُون نَبِيّ مِنْ أَنْبِيَاء اللَّه قَدْ حَكَمَ بَيْنكُمْ بِذَلِكَ وَإِنْ حَكَمَ بِالرَّجْمِ فَلَا تَتَّبِعُوهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيث بِذَلِكَ فَقَالَ مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُود جَاءُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَة زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم ؟ فَقَالُوا نَفْضَحهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْم فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدهمْ يَده عَلَى آيَة الرَّجْم فَقَرَأَ مَا قَبْلهَا وَمَا بَعْدهَا فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن سَلَام اِرْفَعْ يَدك فَرَفَعَ يَده فَإِذَا آيَة الرَّجْم فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّد فِيهَا آيَة الرَّجْم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْت الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة أَخْرَجَاهُ وَهَذَا لَفْظ الْبُخَارِيّ وَهُوَ لَفْظ لَهُ قَالَ لِلْيَهُودِ مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا ؟ قَالُوا نُسَخِّمُ وُجُوههمْ وَنُخْزِيهِمَا قَالَ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ أَعْوَرَ : اِقْرَأْ فَقَرَأَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَوْضِع مِنْهَا فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ فَقَالَ اِرْفَعْ يَدك فَرَفَعَ فَإِذَا آيَة الرَّجْم تَلُوح قَالَ يَا مُحَمَّد إِنَّ فِيهَا آيَة الرَّجْم وَلَكِنَّا نَتَكَاتَمهُ بَيْننَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا وَعِنْد مُسْلِم أَنَّ رَسُول اللَّه أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قَدْ زَنَيَا فَانْطَلَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ فَقَالَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى ؟ قَالُوا نُسَوِّد وُجُوههمَا وَنُحَمِّمهَا وَنَحْمِلهُمَا وَنُخَالِف بَيْن وُجُوههمَا وَيُطَاف بِهِمَا قَالَ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالَ فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَءُوهَا حَتَّى إِذَا مَرَّ بِآيَةِ الرَّجْم وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأ يَده عَلَى آيَة الرَّجْم وَقَرَأَ مَا بَيْن يَدَيْهَا وَمَا وَرَاءَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَهُوَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَده فَرَفَعَ يَده فَإِذَا تَحْتهَا آيَة الرَّجْم فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر كُنْت فِيمَنْ رَجَمَهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْته يَقِيهَا مِنْ الْحِجَارَة بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سَعِيد الْهَمْدَانِيّ حَدَّثَنَا اِبْن وَهْب حَدَّثَنَا هِشَام بْن سَعْد أَنَّ زَيْد بْن أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : أَتَى نَفَر مِنْ الْيَهُود فَدَعَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُفّ فَأَتَاهُمْ فِي بَيْت الْمُدَارِس فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَاحْكُمْ قَالَ وَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَة فَجَلَسَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ اِئْتُونِي بِالتَّوْرَاةِ فَأُتِيَ بِهَا فَنَزَعَ الْوِسَادَة مِنْ تَحْته وَوَضَعَ التَّوْرَاة عَلَيْهَا وَقَالَ : آمَنْت بِك وَبِمَنْ أَنْزَلَك ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِئْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ فَأُتِيَ بِفَتًى شَابّ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّة الرَّجْم نَحْو حَدِيث مَالِك عَنْ نَافِع وَقَالَ الزُّهْرِيّ : سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَة مِمَّنْ يَتَّبِع الْعِلْم وَيَعِيه وَنَحْنُ عِنْد اِبْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ زَنَى رَجُل مِنْ الْيَهُود بِامْرَأَةٍ فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ اِذْهَبُوا إِلَى هَذَا النَّبِيّ فَإِنَّهُ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُون الرَّجْم قَبِلْنَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْد اللَّه قُلْنَا فُتْيَا نَبِيّ مِنْ أَنْبِيَائِك قَالَ فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِس فِي الْمَسْجِد فِي أَصْحَابه فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم مَا تَقُول فِي رَجُل وَامْرَأَة مِنْهُمْ زَنَيَا ؟ فَلَمْ يُكَلِّمهُمْ كَلِمَة حَتَّى أَتَى بَيْت مُدَارِسهمْ فَقَامَ عَلَى الْبَاب فَقَالَ أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ قَالُوا يُحَمَّم وَيُجْبَه وَيُجْلَد وَالتَّجْبِيَة أَنْ يُحْمَل الزَّانِيَانِ عَلَى حِمَار وَتُقَابَل أَقْفِيَتهمَا وَيُطَاف بِهِمَا قَالَ وَسَكَتَ شَابّ مِنْهُمْ فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ أَلَظَّ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّشْدَة فَقَالَ اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتنَا فَإِنَّا نَجِد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَوَّل مَا ارْتَخَصْتُمْ أَمْر اللَّه فَقَالَ زَنَى ذُو قَرَابَة مِنْ مَلِك مِنْ مُلُوكنَا فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْم ثُمَّ زَنَى رَجُل فِي إِثْره مِنْ النَّاس فَأَرَادَ رَجْمه فَحَالَ قَوْمه دُونه وَقَالُوا لَا نَرْجُم صَاحِبنَا حَتَّى تَجِيء بِصَاحِبِك فَتَرْجُمهُ فَاصْطَلَحُوا هَذِهِ الْعُقُوبَة بَيْنهمْ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَحْكُم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَالَ الزُّهْرِيّ بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِمْ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُم بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظه وَابْن جَرِير وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ مَرَّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيّ مُحَمَّم مَجْلُود فَدَعَاهُمْ فَقَالَ أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِيَة و فِي كِتَابكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ : أَنْشُدك بِاَلَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابكُمْ فَقَالَ لَا وَاَللَّه وَلَوْلَا أَنَّك نَشَدْتنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْك نَجِد حَدّ الزَّانِي فِي كِتَابنَا الرَّجْم وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيف تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيف أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدّ فَقُلْنَا تَعَالَوْا حَتَّى نَجْعَل شَيْئًا نُقِيمهُ عَلَى الشَّرِيف وَالْوَضِيع فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيم وَالْجَلْد فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّل مَنْ أَحْيَا أَمْرك إِذْ أَمَاتُوهُ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيّهَا الرَّسُول لَا يَحْزُنك الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر إِلَى قَوْله يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ أَيْ يَقُولُونَ اِئْتُوا مُحَمَّدًا فَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْد فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا إِلَى قَوْله مَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ قَالَ فِي الْيَهُود إِلَى قَوْله مَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ قَالَ فِي الْيَهُود وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ قَالَ فِي الْكُفَّار مِثْلهَا اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم دُون الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ الْأَعْمَش بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر الْحُمَيْدِيّ فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُجَالِد بْن سَعِيد الْهَمْدَانِيّ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ زَنَى رَجُل مِنْ أَهْل فَدْك فَكَتَبَ أَهْل فَدْك إِلَى نَاس مِنْ الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ أَنْ سَلُوا مُحَمَّدًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالْجَلْدِ فَخُذُوهُ عَنْهُ وَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالرَّجْمِ فَلَا تَأْخُذُوهُ عَنْهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَرْسِلُوا إِلَيَّ أَعْلَمَ رَجُلَيْنِ فِيكُمْ فَجَاءُوا بِرَجُلٍ أَعْوَرَ يُقَال لَهُ اِبْن صُورِيَّا وَآخَر فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمَا أَعْلَمُ مَنْ قِبَلَكُمَا فَقَالَا قَدْ دَعَانَا قَوْمنَا لِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا أَلَيْسَ عِنْدكُمَا التَّوْرَاة فِيهَا حُكْم اللَّه قَالَا بَلَى قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْشُدكُمْ بِاَلَّذِي فَلَقَ الْبَحْر لِبَنِي إِسْرَائِيل وَظَلَّلَ عَلَيْكُمْ الْغَمَام وَأَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْن وَأَنْزَلَ الْمَنّ وَالسَّلْوَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم فَقَالَ أَحَدهمَا لِلْآخَرِ مَا نُشِدْت بِمِثْلِهِ قَطُّ ثُمَّ قَالَا نَجِد تَرْدَاد النَّظَر زَنْيَة وَالِاعْتِنَاق زَنْيَة وَالتَّقْبِيل زَنْيَة فَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَة أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُبْدِئ وَيُعِيد كَمَا يَدْخُل الْمِيل فِي الْمُكْحُلَة فَقَدْ وَجَبَ الرَّجْم فَقَالَ النَّبِيّ هُوَ ذَاكَ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَنَزَلَتْ فَإِنْ جَاءُوك فَاحْكُمْ بَيْنهمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوك شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْت فَاحْكُمْ بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث مُجَالِد بِهِ نَحْوه وَلَفْظ أَبِي دَاوُدَ عَنْ جَابِر قَالَ جَاءَتْ الْيَهُود بِرَجُلٍ وَامْرَأَة مِنْهُمْ زَنَيَا فَقَالَ اِئْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ فَأَتَوْا بِابْنَيْ صُورِيَّا فَنَشَدَهُمَا كَيْف تَجِدَانِ أَمْر هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاة ؟ قَالَا نَجِدُ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْل الْمِيل فِي الْمُكْحُلَة رُجِمَا قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا قَالَا ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ فَجَاءَ أَرْبَعَةٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ مِثْل الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُر فِيهِ فَدَعَا بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فَهَذِهِ الْأَحَادِيث دَالَّة عَلَى أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِمُوَافَقَةِ حُكْم التَّوْرَاة وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَاب الْإِكْرَام لَهُمْ بِمَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّته لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِ الشَّرْع الْمُحَمَّدِيّ لَا مَحَالَة وَلَكِنَّ هَذَا بِوَحْيٍ خَاصّ مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَسُؤَاله إِيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِيُقَرِّرهُمْ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا تَوَاطَئُوا عَلَى كِتْمَانه وَجَحْده وَعَدَم الْعَمَل بِهِ تِلْكَ الدُّهُور الطَّوِيلَة فَلَمَّا اِعْتَرَفُوا بِهِ مَعَ عِلْمهمْ عَلَى خِلَافه بِأَنَّ زَيْغهمْ وَعِنَادهمْ وَتَكْذِيبهمْ لِمَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّته مِنْ الْكِتَاب الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَعَدُوّ لَهُمْ إِلَى تَحْكِيم الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ عَنْ هَوًى مِنْهُمْ وَشَهْوَة لِمُوَافَقَةِ آرَائِهِمْ لَا لِاعْتِقَادِهِمْ صِحَّة مَا يَحْكُم بِهِ وَلِهَذَا قَالُوا إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا أَيْ الْجَلْد وَالتَّحْمِيم فَخُذُوهُ أَيْ اِقْبَلُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا أَيْ مِنْ قَبُوله وَاتِّبَاعه قَالَ اللَّه تَعَالَى وَمَنْ يُرِدْ اللَّه فِتْنَته فَلَنْ تَمْلِك لَهُ مِنْ اللَّه شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّه أَنْ يُطَهِّر قُلُوبهمْ لَهُمْ لِي الدُّنْيَا خِزْي وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَيْ الْبَاطِل أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ أَيْ الْحَرَام وَهُوَ الرِّشْوَة كَمَا قَالَهُ اِبْن مَسْعُود وَغَيْر وَاحِد أَيْ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ كَيْف يُطَهِّر اللَّه قَلْبه وَأَنَّى يَسْتَجِيب لَهُ ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ فَإِنْ جَاءُوك أَيْ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْك فَاحْكُمْ بَيْنهمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِض عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوك شَيْئًا أَيْ فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تَحْكُم بَيْنهمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ بِتَحَاكُمِهِمْ إِلَيْك اِتِّبَاع الْحَقّ بَلْ مَا يُوَافِق أَهْوَاءَهُمْ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَزَيْد بْن أَسْلَمَ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالْحَسَن وَغَيْر وَاحِد هِيَ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنهمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِنْ حَكَمْت فَاحْكُمْ بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ أَيْ بِالْحَقِّ وَالْعَدْل وَإِنْ كَانُوا ظَلَمَة خَارِجِينَ عَنْ طَرِيق الْعَدْل إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ .
كتب عشوائيه
- الدين الصحيحيتناول هذا الكتاب: • شرحاً موجزاً للدين الإسلامي، وأنه الدين الصحيح الذي لا يقبل الله ديناً سواه. • استعراض الأديان والمبادئ الأخرى وبيان بطلانها. • حقيقة عيسى وأمه - عليهما السلام -. • عالمية الدين الإسلامي والحكمة في خلق الثقلين.
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
المدقق/المراجع : Ahmad Bolter - Mueed AbdulSalam Abu Hashim - Abdur-Rahman Murad - Khalid Al-Ahmadi - Mahmood Hasan - Dawood Fateh - Ahmad Bolter
الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/62884
- هل أصبح الله إنساناً ؟هل أصبح الله إنساناً ؟: كتاب من 17 صفحة و الهدف من كتابته هو الوصول للفئة المؤمنة التي تدين بوجود الإله، و أثر ذلك على عقيدتهم، و انعكاس ذلك على أعمالهم. وهذه الرسالة في الأصل عبارة عن محاضرة ألقيتها عدة مرات، و كان لها تجاوب و تفاعل إيجابي مع المستمعين مما دفعني لأقوم بصياغتها كتابةً لتكون بمتناول أكبر قدر ممكن من الناس.
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/57997
- فقه الحج للنساء
المؤلف : Muhammad Bin Shakir al-Sharif
الناشر : http://www.islamweb.net - Islam Web Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1271
- الفوائدكتاب الفوائد من أشهر كتب الإمام ابن القيم الجوزية -رحمه الله- وهو عبارة عن مجموعة من الفوائد القيمة التي استنبطها من الآيات و الأحاديث، و بعض احداث السيرة باسلوبه الإبداعي المشوق.
المؤلف : Ibn Qayyim al-Jawziyyah
الناشر : Umm Al-Qura for Translation, Publishing & Distribution
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/44277
- دروس قسم التعليم بمكتب الدعوة بالربوةمناهج مختصرة في الفقه والدعوة والعقيدة والحديث ومصطلحاته تُدرس في القسم التعليمي بموقع islamhouse تعين المسلم على أن يكون على دراية بما يحتاج إليه من أمور الشرع وتعطيه فكرة عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعي إلى الله عز وجل. لا نزعم أنها نهاية المطاف لكن لابد منها من أجل بداية قوية في طلب العلم والدعوة إلى الله تعالى.
الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/281607