القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الحج
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) (الحج)
قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَزَلَتْ فِي مُحَمَّد وَأَصْحَابه حِين أُخْرِجُوا مِنْ مَكَّة وَقَالَ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف كَابْنِ عَبَّاس وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَزَيْد بْن أَسْلَم وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَقَتَادَة وَغَيْرهمْ هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْجِهَاد وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة بَعْضهمْ عَلَى أَنَّ السُّورَة مَدَنِيَّة وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف عَنْ سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مُسْلِم هُوَ الْبَطِين عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أُخْرِجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة قَالَ أَبُو بَكْر : أَخْرَجُوا نَبِيّهمْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لَيَهْلِكُنَّ قَالَ اِبْن عَبَّاس فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير " قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ فَعَرَفْت أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَال . وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق بِهِ وَزَادَ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَهِيَ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير مِنْ سُنَنَيْهِمَا وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث إِسْحَاق بْن يُوسُف زَادَ التِّرْمِذِيّ وَوَكِيع كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن وَقَدْ رَوَاهُ غَيْر وَاحِد عَنْ الثَّوْرِيّ وَلَيْسَ فِيهِ اِبْن عَبَّاس وَقَوْله" وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير " أَيْ هُوَ قَادِر عَلَى نَصْر عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْر قِتَال وَلَكِنْ هُوَ يُرِيد مِنْ عِبَاده أَنْ يَبْذُلُوا جَهْدهمْ فِي طَاعَته كَمَا قَالَ " فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْب الرِّقَاب حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَع الْحَرْب أَوْزَارهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّه لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ وَاَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه فَلَنْ يُضِلّ أَعْمَالهمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِح بَالهمْ وَيُدْخِلهُمْ الْجَنَّة عَرَّفَهَا لَهُمْ " وَقَالَ تَعَالَى " قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبهُمْ اللَّه بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُركُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُور قَوْم مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِب غَيْظ قُلُوبهمْ وَيَتُوب اللَّه عَلَى مَنْ يَشَاء وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم " وَقَالَ " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُون اللَّه وَلَا رَسُوله وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَة وَاَللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ " وَقَالَ " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَم الصَّابِرِينَ " وَقَالَ " ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَم الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُو أَخْبَاركُمْ" وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة وَلِهَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير " وَقَدْ فَعَلَ وَإِنَّمَا شَرَعَ تَعَالَى الْجِهَاد فِي الْوَقْت الْأَلْيَق بِهِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا بِمَكَّة كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَر عَدَدًا فَلَوْ أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ أَقَلّ مِنْ الْعَشْر بِقِتَالِ الْبَاقِينَ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا لَمَّا بَايَعَ أَهْل يَثْرِب لَيْلَة الْعَقَبَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا نَيِّفًا وَثَمَانِينَ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَلَا نَمِيل عَلَى أَهْل الْوَادِي يَعْنُونَ أَهْل لَيَالِي مِنًى فَنَقْتُلهُمْ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنِّي لَمْ أُؤْمَر بِهَذَا " فَلَمَّا بَغَى الْمُشْرِكُونَ وَأَخْرَجُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَظْهُرهمْ وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ وَشَرَّدُوا أَصْحَابه شَذَر مَذَر فَذَهَبَ مِنْهُمْ طَائِفَة إِلَى الْحَبَشَة وَآخَرُونَ إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا اِسْتَقَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَافَاهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَقَامُوا بِنَصْرِهِ وَصَارَتْ لَهُمْ دَار إِسْلَام وَمَعْقِلًا يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ شَرَعَ اللَّه جِهَاد الْأَعْدَاء فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَة أَوَّل مَا نَزَلَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير " .
كتب عشوائيه
- آثار الفتنآثار الفتن: إن الذي لا يعرف الفتن ولا آثارها وعواقبها ربما دخل في شيء منها وأضرَّت بحياته; ثم يلحقه الندم بعد ذلك; ومعرفة هذه الآثار نافعٌ ومفيدٌ للعبد; لأنه من باب النظر في العواقب ومآلات الأمور.; وفي هذه الرسالة ذكر الشيخ آثار وعواقب الفتن; وذكر الأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح.
المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/316772
- وظائف رمضانوظائف رمضان : مختصرٌ لطيفٌ في وظائفِ هذا الموسمِ الشريف، يبعثُ الهمَمَ إلى التَّعرُّضِ للنَّفَحَاتِ، ويُثيرُ العزمَ إلى أشرفِ الأوقاتِ، لخصه الشيخ - رحمه الله - من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، للعلامة ابن رجب الحنبلي - رحمه الله -.
المؤلف : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/71231
- معجم حفّاظ القرآن عبر التاريخمعجم حفّاظ القرآن عبر التاريخ: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «بما أن حُفَّاظ القرآن لهم المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفِكري، فقد رأيتُ من الواجبِ عليَّ نحوَهم أن أقومَ بتجليةِ بعض الجوانب المُشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي آثارهم من شرح الله صدرَهم للإسلام. فأمسكتُ بقلمي - رغم كثرة الأعمال المنُوطَة بي - وطوّفت بفِكري، وعقلي بين المُصنَّفات التي كتَبت شيئًا عن هؤلاء الحُفَّاظ بدءًا من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». والكتاب مُكوَّن من جُزئين: يحتوي الجزء الأول على مائتين وتسعين حافظًا، ويحتوي الثاني على أحد عشر ومائة حافظًا، فيصيرُ المجموعُ واحد وأربعمائة حافظًا.
المؤلف : محمد سالم محيسن
الناشر : موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/385232
- الضلالة بعد الهدى أسبابها وعلاجهاهذا الكتاب الذي بين يديك عبارة عن مجموعة كلمات جامعة ومواعظ نافعة تتعلق بأسباب الضلالة وموجباتها، ويتخلل ذلك أحيانا نوع من التوسع قليلا في بعض مستلزمات الموضوع كأضرار المعاصي ثم يعقب ذلك فصل مستقل عن أسباب المغفرة وقد أطال المؤلف رحمه الله تعالى النفس فيه، لأهميته وقبل الخاتمة أورد رحمه الله تعالى كلاما لأحد أهل العلم عن حلاوة الإيمان نظرا لأهمية هذا الجانب في الكلام عن مسألة الضلالة والهدى.
المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/335006
- خطب الجمعة ومسؤوليات الخطباءخطب الجمعة ومسؤوليات الخطباء : دراسة من إعداد مجلس الدعوة والإرشاد، وقد جاءت تلك الدراسة على محورين: المحور الأول: عن الخطبة، حيث بين: الغرض منها، وصفة الخطبة وسياقها، وقواعد إعداد الخطبة. المحور الثاني: عن الخطيب ومسؤولياته، شمل: صفات الخطيب، ومسؤولياته وواجباته، والأخطاء التي يقع فيها بعض الخطباء.
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/142653