القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة العنكبوت

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) (العنكبوت) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ آمَنَ لَهُ لُوط يُقَال إِنَّهُ اِبْن أَخِي إِبْرَاهِيم يَقُولُونَ هُوَ لُوط بْن هَارَان بْن آزَر يَعْنِي وَلَمْ يُؤْمِن بِهِ مِنْ قَوْمه سِوَاهُ وَسَارَة اِمْرَأَة إِبْرَاهِيم الْخَلِيل . لَكِنْ يُقَال كَيْف الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْآيَة وَبَيْن الْحَدِيث الْوَارِد فِي الصَّحِيح أَنَّ إِبْرَاهِيم حِين مَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْجَبَّار فَسَأَلَ إِبْرَاهِيم عَنْ سَارَة مَا هِيَ مِنْهُ فَقَالَ أُخْتِي ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا إِنِّي قَدْ قُلْت لَهُ إِنَّك أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْه الْأَرْض مُؤْمِن غَيْرِي وَغَيْرك فَأَنْتِ أُخْتِي فِي الدِّين . وَكَأَنَّ الْمُرَاد مِنْ هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْه الْأَرْض زَوْجَانِ عَلَى الْإِسْلَام غَيْرِي وَغَيْرك فَإِنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَام آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمه وَهَاجَرَ مَعَهُ إِلَى بِلَاد الشَّام ثُمَّ أُرْسِلَ فِي حَيَاة الْخَلِيل إِلَى أَهْل سَدُوم وَأَقَامَ بِهَا وَكَانَ مِنْ أَمْرهمْ مَا تَقَدَّمَ وَمَا سَيَأْتِي وَقَوْله تَعَالَى : " وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر إِلَى رَبِّي " يَحْتَمِل عَوْد الضَّمِير فِي قَوْله : " وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِر" عَلَى لُوط لِأَنَّهُ هُوَ أَقْرَب الْمَذْكُورَيْنِ وَيَحْتَمِل عَوْده إِلَى إِبْرَاهِيم . قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَهُوَ الْمُكَنَّى عَنْهُ بِقَوْلِهِ : " فَآمَنَ لَهُ لُوط " أَيْ مِنْ قَوْمه ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ اِخْتَارَ الْمُهَاجَرَة مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ اِبْتِغَاء إِظْهَار الدِّين وَالتَّمَكُّن مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ : " إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم " أَيْ لَهُ الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ الْحَكِيم فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله وَأَحْكَامه الْقَدَرِيَّة وَالشَّرْعِيَّة . وَقَالَ قَتَادَة هَاجَرَا جَمِيعًا مِنْ كوثى وَهِيَ مِنْ سَوَاد الْكُوفَة إِلَى الشَّام . قَالَ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّهَا سَتَكُونُ هِجْرَة بَعْد هِجْرَة يَنْحَاز أَهْل الْأَرْض إِلَى مُهَاجَر إِبْرَاهِيم وَيَبْقَى فِي الْأَرْض شِرَار أَهْلهَا حَتَّى تَلْفِظهُمْ أَرْضهمْ وَتَقْذَرُهُمْ رُوح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَتَحْشِرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير تَبِيت مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا وَتَقِيل مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا وَتَأْكُل مَا سَقَطَ مِنْهُمْ " وَقَدْ أَسْنَدَ الْإِمَام أَحْمَد هَذَا الْحَدِيث فَرَوَاهُ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب قَالَ : لَمَّا جَاءَتْنَا بَيْعَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة قَدِمْت الشَّام فَأُخْبِرْت بِمَقَامٍ يَقُومهُ نَوْف الْبِكَالِيّ فَجِئْته إِذْ جَاءَ رَجُل فَانْتَبَذَ النَّاس وَعَلَيْهِ خَمِيصَة فَإِذَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ فَلَمَّا رَآهُ نَوْف أَمْسَكَ عَنْ الْحَدِيث فَقَالَ عَبْد اللَّه : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " إِنَّهَا سَتَكُونُ هِجْرَة بَعْد هِجْرَة فَيَنْحَاز النَّاس إِلَى مُهَاجَر إِبْرَاهِيم لَا يَبْقَى فِي الْأَرْض إِلَّا شِرَار أَهْلهَا فَتَلْفِظهُمْ أَرْضهمْ تَقْذَرُهُمْ نَفْس الرَّحْمَن تَحْشُرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير فَتَبِيت مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا وَتَقِيل مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا وَتَأْكُل مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ " قَالَ وَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " سَيَخْرُجُ أُنَاس مِنْ أُمَّتِي مِنْ قِبَل الْمَشْرِق يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْن قُطِعَ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْن قُطِعَ - حَتَّى عَدَّهَا زِيَادَة عَلَى عِشْرِينَ مَرَّة كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْن قُطِعَ حَتَّى يَخْرُج الدَّجَّال فِي بَقِيَّتهمْ " وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ أَبِي دَاوُد وَعَبْد الصَّمَد كِلَاهُمَا عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ عَنْ قَتَادَة بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنه فَقَالَ فِي كِتَاب الْجِهَاد" بَاب مَا جَاءَ فِي سُكْنَى الشَّام " . حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر حَدَّثَنَا مُعَاذ بْن هِشَام حَدَّثَنِي عَنْ قَتَادَة عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " سَتَكُونُ هِجْرَة بَعْد هِجْرَة وَيَنْحَاز أَهْل الْأَرْض أَلْزَمهُمْ مُهَاجَر إِبْرَاهِيم وَيَبْقَى فِي الْأَرْض شِرَار أَهْلهَا تَلْفِظهُمْ أَرْضهمْ وَتَقْذَرُهُمْ نَفْس الرَّحْمَن وَتَحْشُرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير" وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَاب يَحْيَى بْن أَبِي حَيَّة عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عُمَر يَقُول : لَقَدْ رَأَيْتنَا وَمَا صَاحِب الدِّينَار وَالدِّرْهَم بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِم ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتنَا بِآخِرَةِ الْآن وَالدِّينَار وَالدِّرْهَم أَحَبّ إِلَى أَحَدنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِم وَلَقَدْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " لَئِنْ اِتَّبَعْتُمْ أَذْنَاب الْبَقَر وَتَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه لَيُلْزِمَنَّكُمْ اللَّه مَذَلَّة فِي أَعْنَاقكُمْ لَا تُنْزَع مِنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَتَتُوبُوا إِلَى اللَّه تَعَالَى " وَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " لَتَكُونَنَّ هِجْرَة بَعْد هِجْرَة إِلَى مُهَاجَر أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم حَتَّى لَا يَبِيت فِي الْأَرْض إِلَّا شِرَار أَهْلهَا وَتَلْفِظهُمْ أَرْضُوهُمْ وَتَقْذَرُهُمْ رُوح الرَّحْمَن وَتَحْشُرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير تَقِيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيت مَعَهُمْ حَيْثُ يَبِيتُونَ وَمَا سَقَطَ مِنْهُمْ فَلَهَا " وَلَقَدْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " يَخْرُج قَوْم مِنْ أَمَتَى يُسِيئُونَ الْأَعْمَال يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز حَنَاجِرهمْ - قَالَ يَزِيد لَا أَعْلَمهُ إِلَّا قَالَ - يُحَقِّر أَحَدكُمْ عِلْمه مَعَ عِلْمهمْ يَقْتُلُونَ أَهْل الْإِسْلَام فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْن قَتَلَهُ اللَّه " فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ مَرَّة أَوْ أَكْثَر وَأَنَا أَسْمَع وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن بْن الْفَضْل أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن سُفْيَان حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد وَهِشَام بْن عَمَّار الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن حَمْزَة حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ عَنْ نَافِع وَقَالَ أَبُو النَّضْر عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَيُهَاجِرُ أَهْل الْأَرْض هِجْرَة بَعْد هِجْرَة إِلَى مُهَاجَر إِبْرَاهِيم حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا شِرَار أَهْلهَا تَلْفِظهُمْ الْأَرْضُونَ وَتَقْذَرُهُمْ رُوح الرَّحْمَن وَتَحْشُرهُمْ النَّار مَعَ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير تَبِيت مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا لَهَا مَا سَقَطَ مِنْهُمْ " غَرِيب مِنْ حَدِيث نَافِع وَالظَّاهِر أَنَّ الْأَوْزَاعِيّ قَدْ رَوَاهُ عَنْ شَيْخ لَهُ مِنْ الضُّعَفَاء وَاَللَّه أَعْلَم . وَرِوَايَته مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ أَقْرَب إِلَى الْحِفْظ .

كتب عشوائيه

  • الورد اليوميالورد اليومي : فقد طلب مني من تعينت إجابته بأن ألخص من رسالتي (زاد المسلم اليومي) من الأذكار المشروعة للمسلم في اليوم والليلة ما لابد له منه من الأذكار المشروعة بعد السلام من الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، والأذكار المشروعة عند النوم وعند الانتباه من النوم.. إلخ

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209128

    التحميل :

  • المرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية بين الأسطورة والحقيقةالمرأة فى الإسلام والمرأة فى العقيدة اليهودية والمسيحية بين الأسطورة والحقيقة : التحليل العادل والجواب الشافي عن الأسئلة التالية: هل اليهودية والمسيحية والإسلام يشتركون في نفس العقائد الخاصة بالمرأة؟ هل حقاً اليهودية والمسيحية أكرموا المرأة أكثر من الإسلام؟ ما الحقيقة؟

    المؤلف : شريف عبد العظيم

    الناشر : جمعية تبليغ الإسلام www.islamic-message.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/191528

    التحميل :

  • حدد مساركحدد مسارك: اشتمل هذا الكتاب على خمسة فصول; وهي كالآتي: الفصل الأول: من أين أتيت؟ إثبات وجود الله الواحد الأحد. الفصل الثاني: إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، واشتمل على سبعة مباحث. الفصل الثالث: بعض سمات الإسلام. الفصل الرابع: النتيجة المترتبة على الإيمان والكفر. الفصل الخامس: وماذا بعد؟ وقد جعله خاتمة الفصول، ونتيجةً لهذا البحث.

    المؤلف : أيمن بن بهاء الدين السَّرَاج

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/330750

    التحميل :

  • التقصير في حقوق الجارالتقصير في حقوق الجار : من الروابط التي دعمها الإسلام، وأوصى بمراعاتها، وشدد في الإبقاء عليها، رابطة الجوار، تلك الرابطة العظيمة التي فرط كثير من الناس فيها، ولم يرعوها حق رعايتها. والحديث في الصفحات التالية سيكون حول التقصير في حق الجار، وقبل ذلك سيتم الحديث عن تعريف الجار، وحدِّه، وحقِّه، ووصاية الإسلام به، ثم بعد ذلك يتم الحديث عن مظاهر التقصير في حق الجار مع محاولة علاج تلك المظاهر.

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/172582

    التحميل :

  • تذكير الخلق بأسباب الرزقتذكير الخلق بأسباب الرزق : في هذه الرسالة بيان بعض أسباب الرزق، ثم بيان الحكمة في تفاوت الناس في الرزق.

    المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209177

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share