القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأعراف
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) (الأعراف)
فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى" فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا" الْآيَة وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ شِرْك عَنْ خُصَيْف عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا " قَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُن إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " آدَم " حَمَلَتْ" أَتَاهُمَا إِبْلِيس لَعَنَهُ اللَّه فَقَالَ إِنَى صَاحِبكُمَا الَّذِي أَخْرَجْتُكُمَا مِنْ الْجَنَّة لَتُطِيعَانِي أَوْ لَأَجْعَلَنَّ لَهُ قَرْنَيْ أُيَّل فَيَخْرُج مِنْ بَطْنك فَيَشُقّهُ وَلَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ يُخَوِّفهُمَا فَسَمَّيَاهُ عَبْد الْحَارِث فَأَبَيَا أَنْ يُطِيعَاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا ثُمَّ حَمَلَتْ يَعْنِي الثَّانِي فَأَتَاهُمَا أَيْضًا فَقَالَ أَنَا صَاحِبكُمَا الَّذِي فَعَلْت مَا فَعَلْت لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ - يُخَوِّفهُمَا - فَأَبَيَا أَنْ يُطِيعَاهُ فَخَرَجَ مَيِّتًا ثُمَّ حَمَلَتْ الثَّالِثَة فَأَتَاهُمَا أَيْضًا فَذَكَرَ لَهُمَا فَأَدْرَكَهُمَا حُبّ الْوَلَد فَسَمَّيَاهُ عَبْد الْحَارِث فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا" رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم . وَقَدْ تَلَقَّى هَذَا الْأَثَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَصْحَابه كَمُجَاهِدٍ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَمِنْ الطَّبَقَة الثَّانِيَة قَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَجَمَاعَة مِنْ الْخَلَف وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ جَمَاعَات لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَة وَكَأَنَّهُ وَاَللَّه أَعْلَم أَصْله مَأْخُوذ مِنْ أَهْل الْكِتَاب فَإِنَّ اِبْن عَبَّاس رَوَاهُ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب كَمَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِر حَدَّثَنَا سَعِيد يَعْنِي اِبْن بَشِير عَنْ عُقْبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاء أَتَاهَا الشَّيْطَان فَقَالَ لَهَا أَتُطِيعِينَنِي وَيَسْلَم لَك وَلَدك سَمِّيهِ عَبْد الْحَارِث فَلَمْ تَفْعَل فَوَلَدَتْ فَمَاتَ ثُمَّ حَمَلَتْ فَقَالَ لَهَا مِثْل ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَل ثُمَّ حَمَلَتْ الثَّالِثَة فَجَاءَهَا فَقَالَ إِنْ تُطِيعِينِي يَسْلَم وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَكُون بَهِيمَة فَهَيَّبَهُمَا فَأَطَاعَا . وَهَذِهِ الْآثَار يَظْهَر عَلَيْهَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهَا مِنْ آثَار أَهْل الْكِتَاب وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ" إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْل الْكِتَاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ" ثُمَّ أَخْبَارهمْ عَلَى ثَلَاثَة أَقْسَام فَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا صِحَّته بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيل مِنْ كِتَاب اللَّه أَوْ سُنَّة رَسُوله وَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا كَذِبه بِمَا دَلَّ عَلَى خِلَافه مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة أَيْضًا وَمِنْهَا مَا هُوَ مَسْكُوت عَنْهُ فَهُوَ الْمَأْذُون فِي رِوَايَته بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام " حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا حَرَج " وَهُوَ الَّذِي لَا يُصَدَّق وَلَا يُكَذَّب لِقَوْلِهِ " فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ " وَهَذَا الْأَثَر هُوَ الْقِسْم الثَّانِي أَوْ الثَّالِث فِيهِ نَظَر فَأَمَّا مَنْ حَدَّثَ بِهِ مِنْ صَحَابِيّ أَوْ تَابِعِيّ فَإِنَّهُ يَرَاهُ مِنْ الْقِسْم الثَّالِث وَأَمَّا نَحْنُ فَعَلَى مَذْهَب الْحَسَن الْبَصْرِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي هَذَا وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد مِنْ هَذَا السِّيَاق آدَم وَحَوَّاء وَإِنَّمَا الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ ذُرِّيَّته وَلِهَذَا قَالَ اللَّه " فَتَعَالَى اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ " ثُمَّ قَالَ فَذَكَرَ آدَم وَحَوَّاء أَوَّلًا كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدهمَا مِنْ الْوَالِدَيْنِ وَهُوَ كَالِاسْتِطْرَادِ مِنْ ذِكْر الشَّخْص إِلَى الْجِنْس كَقَوْلِهِ " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح " الْآيَة وَمَعْلُوم أَنَّ الْمَصَابِيح وَهِيَ النُّجُوم الَّتِي زُيِّنَتْ بِهَا السَّمَاء لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا وَإِنَّمَا هَذَا اِسْتِطْرَاد مِنْ شَخْص الْمَصَابِيح إِلَى جِنْسهَا وَلِهَذَا نَظَائِر فِي الْقُرْآن وَاَللَّه أَعْلَم.
كتب عشوائيه
- الأقصى طريق المسرىالأقصى طريق المسرى: فإن الناظرَ في أحوال الناس في هذه الأيام, وما يدور حولهم في أرض الإسراء والمعراج، وتبايُن وجهات النظر ليعجَب كل العجب, ذلك أن عدم المعرفة بأمور الدين ،وتقطع أواصر الأمة الإسلامية إلى فِرَق وأحزاب ودويلات، وإقامة الحواجز والحدود أكسَبَ الأمةَ ولاءات جزئية للجنس والأرض، وقد أثّر ذلك بالطبع على الولاء العام للإسلام وأرضه عند البعض، لذلك أحبَبنا أن نُبيِّنَ في هذه العُجالة منزلة أرض الإسراء في الإسلام، والمطلوب من كل مسلم نحوها.
الناشر : وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/381060
- من ثمار الدعوةمن ثمار الدعوة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله - عز وجل - من أجل الطاعات وأعظم القربات، وقد اصطفى الله - عز وجل - للقيام بها صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وحتى نقوم بهذا الدين العظيم، وننهض به، ونكون دعاة إليه بالنفس والمال، والجهد، والقلم، والفكر والرأي، وغيرها كثير. أذكر طرفًا من ثمار الدعوة إلى الله - عز وجل -».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229625
- مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثةمقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة: اشتمل هذا الكتاب على الحديث عن أثر القارة الأوروبية الكبير في تاريخ الجماعة البشرية كلها، مع بيان الفرق الواضح بين واقع الحياة الإسلامية وواقع الحياة الأوروبية النصرانية، والذي أدى إلى الولادة الأوروبية الجديدة من خلال الحروب الصليبية، وبعد ذلك ورد الحديث عن جمود الأدب في ظل الحكم الكنسي، والذي أدى إلى ظهور الحركات الأدبية والثورات العلمية ضد الكنيسة، ثم الكلام عن النظرية البنيوية ومدارسها وحلقاتها وتطبيقاتها في فروع المعرفة، وفي الختام كان الحديث عن الحداثة العربية وأسباب رواجها في العالم العربي.
المؤلف : سفر بن عبد الرحمن الحوالي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/340496
- جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدينجمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين: بحث مُقدَّم لندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه». قال المصنف - حفظه الله -: «وكانت لي رغبة في الكتابة عن موضوعات أدق - من موضوع جمع القرآن - لولا أن محاور الندوة مُقيَّدة بموضوعها، وأن تحديد هذه المحاور قد تم، ومعالمه قد رُسِمت. وبادرتُ إلى الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة والكتابة في هذا الموضوع وهو عن القرآن الكريم وكفى به فضلاً، وفي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكفى بها مكانة، وعن عناية المملكة بالقرآن الكريم وعلومه، وهي عناية عظيمة كان من حقها أن تبرز وتظهر، وتدرس وتعلن».
المؤلف : فهد بن عبد الرحمن الرومي
الناشر : مكتبة التوبة للنشر والتوزيع
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/364162
- أعمال صالحة في رمضانأعمال صالحة في رمضان: في هذه الرسالة بيان بعض الأعمال الصالحة التي ينبغي على المسلم اغتنام أوقاته فيها، وعلى رأسها: الصوم، وقيام الليل في التراويح والتهجد، وإطعام الطعام بتفطير الصائمين واحتساب الأجر في ذلك حتى يأخذ المسلم أجر من فطَّره، والاعتكاف في أواخر الشهر، والعمرة فيه كحجة، الاجتهاد في قراءة القرآن والبكاء والتباكي في ذلك، والاجتهاد لبلوغ ليلة القدر بالعبادة، والإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار، والتحذير من اللهو في شهر العبادة، مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة.
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/319838