القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) (البقرة) 
" قَالَ إِنَّهُ يَقُول إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ " أَيْ إِنَّهَا لَيْسَتْ مُذَلَّلَة بِالْحِرَاثَةِ وَلَا مُعَدَّة لِلسَّقْيِ فِي السَّاقِيَّة بَلْ هِيَ مُكَرَّمَة حَسَنَة صَبِيحَة مُسَلَّمَة صَحِيحَة لَا عَيْب بِهَا " لَا شِيَة فِيهَا " أَيْ لَيْسَ فِيهَا لَوْن غَيْر لَوْنهَا وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة مُسَلَّمَة يَقُول لَا عَيْب فِيهَا وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَقَالَ مُجَاهِد : مُسَلَّمَة مِنْ الشِّيَة. وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : مُسَلَّمَة الْقَوَائِم وَالْخَلْق لَا شِيَة فِيهَا قَالَ مُجَاهِد : لَا بَيَاض وَلَا سَوَاد وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَالْحَسَن وَقَتَادَة : لَيْسَ فِيهَا بَيَاض . وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : لَا شِيَة فِيهَا قَالَ لَوْنهَا وَاحِد بَهِيم وَرُوِيَ عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَإِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ السُّدِّيّ لَا شِيَة فِيهَا مِنْ بَيَاض وَلَا سَوَاد وَلَا حُمْرَة . وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة فِي الْمَعْنَى وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ" لَيْسَ بِمُذَلَّلَةٍ بِالْعَمَلِ ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ فَقَالَ " تُثِيرُ الْأَرْضَ " أَيْ يُعْمَل عَلَيْهَا بِالْحِرَاثَةِ لَكِنَّهَا لَا تَسْقِي الْحَرْث وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ فَسَّرَ الذَّلُول الَّتِي لَمْ تُذَلَّل بِالْعَمَلِ بِأَنَّهَا لَا تُثِير الْأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث كَذَا قَرَّرَهُ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره " قَالُوا الْآن جِئْت بِالْحَقِّ" قَالَ قَتَادَة الْآن بَيَّنْت لَنَا وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَقَبْلَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ جَاءَهُمْ الْحَقُّ " فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " قَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس كَادُوا أَنْ لَا يَفْعَلُوا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الَّذِي أَرَادُوا لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ لَا يَذْبَحُوهَا يَعْنِي أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا الْبَيَان وَهَذِهِ الْأَسْئِلَة وَالْأَجْوِبَة وَالْإِيضَاح مَا ذَبَحُوهَا إِلَّا بَعْد الْجَهْد وَفِي هَذَا ذَمّ لَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَرَضهمْ إِلَّا التَّعَنُّت فَلِهَذَا مَا كَادُوا يَذْبَحُونَهَا . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَمُحَمَّد بْن قَيْس فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ لِكَثْرَةِ ثَمَنهَا وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ كَثْرَة الثَّمَن لَمْ يَثْبُت إِلَّا مِنْ نَقْل بَنِي إِسْرَائِيل كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَة أَبِي الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ عَبِيدَة وَمُجَاهِد وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَأَبُو الْعَالِيَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّهُمْ اِشْتَرَوْهَا بِمَالٍ كَثِير وَفِيهِ اِخْتِلَاف ثُمَّ قَدْ قِيلَ فِي ثَمَنهَا غَيْر ذَلِكَ وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا اِبْن عُيَيْنَة أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سُوقَة عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : مَا كَانَ ثَمَنهَا إِلَّا ثَلَاثَة دَنَانِير وَهَذَا إِسْنَاد جَيِّد عَنْ عِكْرِمَة وَالظَّاهِر أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ أَهْل الْكِتَاب أَيْضًا وَقَالَ اِبْن جَرِير وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يَكَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ خَوْف الْفَضِيحَة إِنْ اِطَّلَعَ اللَّه عَلَى قَاتِل الْقَتِيل الَّذِي اِخْتَصَمُوا فِيهِ وَلَمْ يُسْنِدهُ عَنْ أَحَد ثُمَّ اِخْتَارَ أَنَّ الصَّوَاب فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكَادُوا يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِغَلَاءِ ثَمَنهَا وَلِلْفَضِيحَةِ وَفِي هَذَا نَظَر بَلْ الصَّوَاب وَاَللَّه أَعْلَم مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس عَلَى مَا وَجَّهْنَاهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق . " مَسْأَلَة" اُسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَة فِي حَصْر صِفَات هَذِهِ الْبَقَرَة حَتَّى تَعَيَّنَتْ أَوْ تَمَّ تَقْيِيدهَا بَعْد الْإِطْلَاق عَلَى صِحَّة السَّلْم فِي الْحَيَوَان كَمَا هُوَ مَذْهَب مَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء سَلَفًا وَخَلَفًا بِدَلِيلِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَنْعَتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا " وَكَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبِل الدِّيَة فِي قَتْل الْخَطَأ وَشِبْه الْعَمْد بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَة بِالْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يَصِحّ السَّلْم فِي الْحَيَوَان لِأَنَّهُ لَا تَنْضَبِط أَحْوَاله وَحَكَى مِثْله عَنْ اِبْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَعَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة وَغَيْرهمْ .
كتب عشوائيه
- ولو بشق تمرةولو بشق تمرة: قال المصنف - حفظه الله -: «فقد فتح الله علينا أبواب جوده وكرمه، فدرَّ الضرع، وكثر الزرع، وأخرجت الأرض كنوزها، ففاضت الأموال بأيدي الناس، وأصبحوا في رغد عيش وبحبوحة من الرزق. ورغم هذه العطايا العظيمة والنعم الجسيمة إلا أن البعض نفسه شحيحة ويده مقبوضة. فأحببت أن أذكر بفضل الصدقة وأثرها في الدنيا والآخرة، مستهديا بقول الله عز وجل، ومستنيرًا بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومذكرًا بأفعال السلف الصالح. وهذا هو الجزء السادس عشر من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان : «ولو بشق تمرة» فيه من الآيات والأحاديث وأطايب الكلام ما يحث على صدقة التطوع ويرغب فيها، فلا أرى أسعد منا حالاً ولا أطيب منا عيشًا في هذا الزمن الذي استرعانا الله فيه أمانة هذه الخيرات لينظر كيف نصنع».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345923
- نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلمهذا الكتاب يحتوي على بيان كيفية نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
المؤلف : عبد الودود مقبول حنيف
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/116943
- ثوابت الأمة في ظل المتغيرات الدوليةثوابت الأمة في ظل المتغيرات الدولية: مدخل في معرفة الثوابت، وهو ضمن فعاليات مؤتمر الآفاق المستقبلية للعمل الخيري بدولة الكويت، تحت إشراف مبرة الأعمال الخيرية. وهذا الموضوع من أهم الموضوعات وأعظمها لا سيما في هذه الآونة المتأخرة؛ مع تجمُّع الأعداء على المسلمين وثوابتهم ورموزهم.
المؤلف : ناصر بن سليمان العمر
الناشر : موقع المسلم http://www.almoslim.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/337586
- الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنةالولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة : فإن أمّتنا تعيش مرحلةً جديدة في تاريخها، وتقف على مفترق طرق، وتحتاج إلى تعاون علمائها ومفكّريها وأصحابِ القرار فيها، ليقوموا بتصحيح أخطاء ماضيها، وإصلاح حاضرها، وإضاءة مستقبلها. وفي هذه المرحلة الحرجة تقع أمّتُنا وعقائدُها تحت ضغوط رهيبة، تكاد تجتثّها من أساسها، لولا قوّةُ دينها وتأييدُ ربّها عز وجل. ومن هذه العقائد التي وُجّهت إليها سهامُ الأعداء، وانجرَّ وراءهم بعضُ البُسطاء، واندفع خلفهم غُلاةٌ وجُفاة: عقيدةُ الولاء والبراء. وزاد الأمر خطورةً، عندما غلا بعضُ المسلمين في هذا المعتقد إفراطًا أو تفريطًا. وأصبح هذا المعتقدُ مَحَلَّ اتّهام، وأُلْصِقَتْ به كثيرٌ من الفظائع والاعتداءات. وقد تناول المصنف - حفظه الله - الموضوع في خمسة مباحث: الأول: حقيقة الولاء والبراء. الثاني: أدلة الولاء والبراء. الثالث: علاقته بأصل الإيمان. الرابع: توافقُه مع سماحة الإسلام. الخامس: مظاهرُ الغلوّ فيه وبراءتُه منها.
المؤلف : الشريف حاتم بن عارف العوني
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/117119
- تناقضاتهذه محاضرة للشيخ عبدالعزيز السدحان فرغها في كتاب الأخ إبراهيم السبتي وأعاد صياغتها الأخ بندر الشويقي، وتحدث الشيخ فيها عن أربعة وثلاثين مسألة يكون فيها تناقض شرعي بين الناس، بعد ذكر أسباب ذلك، ومن أمثلتها الفتوى مع قلة العلم، وتزويج تارك الصلاة وترك غيره، والتعامل مع الخادمات بقسوة في الطعام والشراب والتساهل معها في كشف الوجه، إلى غير ذلك...
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/261643












