القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) (النساء) 
قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُقَاتِل حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ الشَّيْبَانِيّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَن السُّوَائِيّ وَلَا أَظُنّهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنْ اِبْن عَبَّاس " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " قَالَ كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُل كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضهمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقّ بِهَا مِنْ أَهْلهَا ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَرْدَوَيْهِ وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث أَبِي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ وَاسْمه سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان عَنْ عِكْرِمَة وَعَنْ أَبِي الْحَسَن السُّوَائِيّ وَاسْمه عَطَاء كُوفِيّ أَعْمَى كِلَاهُمَا عَنْ اِبْن عَبَّاس بِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ثَابِت الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن حُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة " وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَرِث اِمْرَأَة ذِي قَرَابَته فَيَعْضُلهَا حَتَّى تَمُوت أَوْ تَرُدّ إِلَيْهِ صَدَاقهَا فَأَحْكَمَ اللَّه تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ أَيْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُد وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ غَيْر وَاحِد عَنْ اِبْن عَبَّاس بِنَحْوِ ذَلِكَ . وَرَوَى وَكِيع عَنْ سُفْيَان عَنْ عَلِيّ بْن نَدِيمَة عَنْ مِقْسَم عَنْ اِبْن عَبَّاس كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا فَجَاءَ رَجُل فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا كَانَ أَحَقّ بِهَا فَنَزَلَتْ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " . وَرَوَى عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " قَالَ كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ جَارِيَة أَلْقَى عَلَيْهَا حَمِيمه ثَوْبه فَمَنَعَهَا مِنْ النَّاس فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَة تَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَتْ دَمِيمَة حَبَسَهَا حَتَّى تَمُوت فَيَرِثهَا وَرَوَى الْعَوْفِيّ عَنْهُ عَنْ الرَّجُل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة إِذَا مَاتَ حَمِيم أَحَدهمْ أَلْقَى ثَوْبه عَلَى اِمْرَأَته فَوَرِثَ نِكَاحهَا وَلَمْ يَنْكِحهَا أَحَد غَيْره وَحَبَسَهَا عِنْده حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِفِدْيَةٍ . فَأَنْزَلَ اللَّه " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا" . وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَم فِي الْآيَة عَنْ أَهْل يَثْرِب إِذَا مَاتَ الرَّجُل مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة وَرِثَ اِمْرَأَته مَنْ يَرِث مَاله وَكَانَ يَعْضُلهَا حَتَّى يَرِثهَا أَوْ يُزَوِّجهَا مَنْ أَرَادَ وَكَانَ أَهْل تِهَامَة يُسِيء الرَّجُل صُحْبَة الْمَرْأَة حَتَّى يُطَلِّقهَا وَيَشْتَرِط عَلَيْهَا أَنْ لَا تَنْكِح إِلَّا مَنْ أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاهَا فَنَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْمُنْذِر . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي أُمَامَة بْن سَهْل بْن حُنَيْف عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت أَرَادَ اِبْنه أَنْ يَتَزَوَّج اِمْرَأَته وَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَأَنْزَلَ اللَّه " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " . وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن فُضَيْل بِهِ ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْج قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذَا هَلَكَ الرَّجُل وَتَرَكَ اِمْرَأَة حَبَسَهَا أَهْله عَلَى الصَّبِيّ يَكُون فِيهِمْ فَنَزَلَتْ " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " الْآيَة . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج قَالَ مُجَاهِد كَانَ الرَّجُل إِذَا تُوُفِّيَ كَانَ اِبْنه أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ يَنْكِحهَا إِنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْنهَا أَوْ يَنْكِحهَا مَنْ شَاءَ أَخَاهُ أَوْ اِبْن أَخِيهِ . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج قَالَ عِكْرِمَة نَزَلَتْ فِي كُبَيْشَة بِنْت مَعْن بْن عَاصِم بْن الْأَوْس تُوُفِّيَ عَنْهَا أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت فَجَنَحَ عَلَيْهَا اِبْنه فَجَاءَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه : لَا أَنَا وَرِثْت زَوْجِي وَلَا أَنَا تُرِكْت فَأُنْكَح , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة , وَقَالَ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي مَالِك : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا مَاتَ زَوْجهَا جَاءَ وَلِيّه فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا فَإِنْ كَانَ لَهُ اِبْن صَغِير أَوْ أَخ حَبَسَهَا حَتَّى يَشِبّ أَوْ تَمُوت فَيَرِثهَا فَإِنْ هِيَ اِنْفَلَتَتْ فَأَتَتْ أَهْلهَا وَلَمْ يُلْقِ عَلَيْهَا ثَوْبًا نَجَتْ فَأَنْزَلَ اللَّه " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " . وَقَالَ مُجَاهِد فِي الْآيَة : كَانَ الرَّجُل يَكُون فِي حِجْره الْيَتِيمَة هُوَ يَلِي أَمْرهَا فَيَحْبِسهَا رَجَاء أَنْ تَمُوت اِمْرَأَته فَيَتَزَوَّجهَا أَوْ يُزَوِّجهَا اِبْنه رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم ثُمَّ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَأَبِي مِجْلَز وَالضَّحَّاك وَالزُّهْرِيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَمُقَاتِل بْن حَيَّان نَحْو ذَلِكَ . قُلْت : فَالْآيَة تَعُمّ مَا كَانَ يَفْعَلهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّة وَمَا ذَكَرَهُ مُجَاهِد وَمَنْ وَافَقَهُ وَكُلّ مَا كَانَ فِيهِ نَوْع مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ " أَيْ لَا تُضَارُّوهُنَّ فِي الْعِشْرَة لِتَتْرُك مَا أَصْدَقْتهَا أَوْ بَعْضه أَوْ حَقًّا مِنْ حُقُوقهَا عَلَيْك أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه الْقَهْر لَهَا وَالْإِضْرَار. وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ " يَقُول وَلَا تَقْهَرُوهُنَّ " لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ " يَعْنِي الرَّجُل تَكُون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لِصُحْبَتِهَا وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْر فَيَضُرّهَا لِتَفْتَدِيَ بِهِ وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك وَعَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر أَخْبَرَنِي سِمَاك بْن الْفَضْل عَنْ اِبْن السَّلْمَانِيّ قَالَ : نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة وَالْأُخْرَى فِي أَمْر الْإِسْلَام . قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك يَعْنِي قَوْله " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا " فِي الْجَاهِلِيَّة " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ " فِي الْإِسْلَام وَقَوْله " إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة " قَالَ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالشَّعْبِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَمُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالضَّحَّاك وَأَبُو قِلَابَة وَأَبُو صَالِح السُّدِّيّ وَزَيْد بْن أَسْلَم وَسَعِيد بْن أَبِي هِلَال يَعْنِي بِذَلِكَ الزِّنَا يَعْنِي إِذَا زَنَتْ فَلَك أَنْ تَسْتَرْجِع مِنْهَا الصَّدَاق الَّذِي أَعْطَيْتهَا وَتُضَاجِرهَا حَتَّى تَتْرُكهُ لَك وَتُخَالِعهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة " وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه " الْآيَة وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك : الْفَاحِشَة الْمُبَيِّنَة النُّشُوز وَالْعِصْيَان وَاخْتَارَ اِبْن جَرِير أَنَّهُ يَعُمّ ذَلِكَ كُلّه الزِّنَا وَالْعِصْيَان وَالنُّشُوز وَبَذَاء اللِّسَان وَغَيْر ذَلِكَ . يَعْنِي أَنَّ هَذَا كُلّه يُبِيح مُضَاجَرَتهَا حَتَّى تُبْرِئهُ مِنْ حَقّهَا أَوْ بَعْضه وَيُفَارِقهَا وَهَذَا جَيِّد وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ طَرِيق يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة " قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَرِث اِمْرَأَة ذِي قَرَابَته فَيَعْضُلهَا حَتَّى تَمُوت أَوْ تَرُدّ إِلَيْهِ صَدَاقهَا فَأَحْكَمَ اللَّه عَنْ ذَلِكَ أَيْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ . قَالَ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ : وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُون السِّيَاق كُلّه كَانَ فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة وَلَكِنْ نُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ فِعْله فِي الْإِسْلَام . وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد كَانَ الْعَضْل فِي قُرَيْش بِمَكَّة يَنْكِح الرَّجُل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فَلَعَلَّهَا لَا تُوَافِقهُ فَيُفَارِقهَا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ فَيَأْتِي بِالشُّهُودِ فَيَكْتُب ذَلِكَ عَلَيْهَا وَيُشْهِد فَإِذَا جَاءَ الْخَاطِب فَإِنْ أَعْطَتْهُ وَأَرْضَتْهُ أَذِنَ لَهَا وَإِلَّا عَضَلهَا . قَالَ فَهَذَا قَوْله " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ " الْآيَة وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ " هُوَ كَالْعَضْلِ فِي سُورَة الْبَقَرَة. وَقَوْله تَعَالَى " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالكُمْ لَهُنَّ وَحَسِّنُوا أَفْعَالكُمْ وَهَيْئَاتكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتكُمْ كَمَا تُحِبّ ذَلِكَ مِنْهَا فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْله كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَهُنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ " وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْركُمْ خَيْركُمْ لِأَهْلِهِ , وَأَنَا خَيْركُمْ لِأَهْلِي " وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيل الْعِشْرَة دَائِم الْبِشْر , يُدَاعِب أَهْله , وَيَتَلَطَّف بِهِمْ وَيُوسِعهُمْ نَفَقَة وَيُضَاحِك نِسَاءَهُ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُسَابِق عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا يَتَوَدَّد إِلَيْهَا بِذَلِكَ قَالَتْ سَابَقَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْته وَذَلِكَ قَبْل أَنْ أَحْمِل اللَّحْم , ثُمَّ سَابَقْته بَعْدَمَا حَمَلْت اللَّحْم فَسَبَقَنِي فَقَالَ " هَذِهِ بِتِلْكَ " وَيَجْمَع نِسَاءَهُ كُلّ لَيْلَة فِي بَيْت الَّتِي يَبِيت عِنْدهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُل مَعَهُنَّ الْعَشَاء فِي بَعْض الْأَحْيَان ثُمَّ تَنْصَرِف كُلّ وَاحِدَة إِلَى مَنْزِلهَا وَكَانَ يَنَام مَعَ الْمَرْأَة مِنْ نِسَائِهِ فِي شِعَار وَاحِد يَضَع عَنْ كَتِفَيْهِ الرِّدَاء وَيَنَام بِالْإِزَارِ وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاء يَدْخُل مَنْزِله يَسْمُر مَعَ أَهْله قَلِيلًا قَبْل أَنْ يَنَام يُؤَانِسهُمْ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة " وَأَحْكَام عِشْرَة النِّسَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ مَوْضِعه كُتُب الْأَحْكَام وَلِلَّهِ الْحَمْد . وَقَوْله تَعَالَى " فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا " أَيْ فَعَسَى أَنْ يَكُون صَبْركُمْ فِي إِمْسَاكهنَّ مَعَ الْكَرَاهَة فِيهِ خَيْر كَثِير لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة هُوَ أَنْ يَعْطِف عَلَيْهَا فَيُرْزَق مِنْهَا وَلَدًا وَيَكُون فِي ذَلِكَ الْوَلَد خَيْر كَثِير وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح " لَا يَفْرَك مُؤْمِن مُؤْمِنَة إِنْ سَخِطَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر " .
كتب عشوائيه
- الرؤيا وما يتعلق بهاالرؤيا وما يتعلق بها : جمعت في هذه الرسالة ما تيسر من ما يتعلق بالرؤيا من آداب الرؤيا الصالحة وضدها وما يتعلق بها من أنواع التعبير الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمستنبط من القرآن الكريم.
المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209004
- الطيرةالطيرة : في هذه الرسالة جمع لبعض ما تناثر في باب الطيرة؛ رغبة في إلقاء الضوء حول هذه المسلك، وتبيان ضرره، وعلاجه.
المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد
الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/172691
- الدعوة إلى وجوب التمسك بتعاليم الإسلامالدعوة إلى وجوب التمسُّك بتعاليم الإسلام: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «ومن نعمِ الله تعالى عليَّ التي لا تُحصَى أن شرحَ صدري لتأليفِ كتابٍ أُضمِّنُه الحديثَ عن وجوبِ التمسُّك بتعاليم الإسلام، فصنَّفتُ هذا الكتاب، وسمَّيتُه: «الدعوة إلى وجوب التمسُّك بتعاليم الإسلام».
المؤلف : محمد سالم محيسن
الناشر : موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/384385
- التذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهيةالتذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهية: قال المؤلف: «فإن أحكام المقبرة وما يجب لأهلها، وما يُشرع وما لا يُشرع لزائرها قد خفِيَ على كثير من المسلمين، فحصل من بعضهم الغلو في بعض المقبورين حتى جعَلوهم شركاء مع الله في عبادته، وحصل من آخرين التفريط والتساهل فيما للمقبورين من حقوق، فامتهنوا قبورهم، وانتهكوا حُرماتهم. فجمعتُ رسالةً مختصرةً مما كتبه أهل العلم قديمًا وحديثًا، لعلها تكون سببًا مباركًا لمعرفة كثير من الأحكام العقدية والفقهية المتعلِّقة بالمقبرة والمقبورين، وسمَّيتها: «التذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهية»، رتَّبتُ مسائلها حسب الواقع المُشاهَد; فابتدأتُ بتعريف المقبرة، وبعض المسائل المتعلِّقة بذكر الموت، والاستعداد له، وبالوصية بالدفن، ثم بأرض المقبرة وما يتبعها، ثم مسائل تشييع الجنازة، والدفن وما بعده، وآداب زيارة القبور، ثم ما يقع من الشرك والبدع ... وأفردتُ مسائل خاصة بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يحدث حوله، وختمتها بمسائل متعلِّقة بالكفَّار ودفنهم». - قدَّم للكتاب: فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله -.
المؤلف : عبد الرحمن بن سعد الشثري
الناشر : الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/333186
- درء الفتنة عن أهل السنةدرء الفتنة عن أهل السنة : موضوع هذا الكتاب: هو بيان المعتقد الحق الذي أجمع عليه المسلمون من الصحابة - رضي الله عنهم - فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا، وذلك في بيان حقيقة الإيمان من أنه: اعتقاد وقول وعمل، ويزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وبيان ما يضاده من أنواع الكفر: الاعتقادي القولي، والعملي، وكفر الإباء والإعراض ... وشروط الحكم بذلك، وموانعه، مع ذكر بعض أقوال السلف في ذم المرجئة، الذين يؤخرون العمل عن الإيمان، و بيان آثاره السيئة على الإسلام و المسلمين.
المؤلف : بكر بن عبد الله أبو زيد
الناشر : دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/152875












