القرآن الكريم » تفسير القرطبي » سورة هود
الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) (هود) 
سُورَة هُود : مَكِّيَّة إِلَّا الْآيَات 114 - 17 - 12 فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا 123 نَزَلَتْ بَعْد يُونُس
مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : " وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار " [ هُود : 114 ] . وَأَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ فِي مُسْنَده عَنْ كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اِقْرَءُوا سُورَة هُود يَوْم الْجُمُعَة ) . وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : يَا رَسُول اللَّه قَدْ شِبْت ! قَالَ : ( شَيَّبَتْنِي هُود وَالْوَاقِعَة وَالْمُرْسَلَات وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ) . قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب , وَقَدْ رُوِيَ شَيْء مِنْ هَذَا مُرْسَلًا . وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه فِي " نَوَادِر الْأُصُول " : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي جُحَيْفَة قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه نَرَاك قَدْ شِبْت ! قَالَ : ( شَيَّبَتْنِي هُود وَأَخَوَاتهَا ) . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : فَالْفَزَع يُورِث الشَّيْب وَذَلِكَ أَنَّ الْفَزَع يُذْهِل النَّفْس فَيُنَشِّف رُطُوبَة الْجَسَد , وَتَحْت كُلّ شَعْرَة مَنْبَع , وَمِنْهُ يَعْرَق , فَإِذَا اِنْتَشَفَ الْفَزَع رُطُوبَته يَبِسَتْ الْمَنَابِع فَيَبِسَ الشَّعْر وَابْيَضَّ ; كَمَا تَرَى الزَّرْع الْأَخْضَر بِسِقَائِهِ , فَإِذَا ذَهَبَ سِقَاؤُهُ يَبِسَ فَابْيَضَّ ; وَإِنَّمَا يَبْيَضّ شَعْر الشَّيْخ لِذَهَابِ رُطُوبَته وَيُبْس جِلْده , فَالنَّفْس تَذْهَل بِوَعِيدِ اللَّه , وَأَهْوَال مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ اللَّه , فَتَذْبُل , وَيُنَشِّف مَاءَهَا ذَلِكَ الْوَعِيد وَالْهَوْل الَّذِي جَاءَ بِهِ ; فَمِنْهُ تَشِيب . وَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " يَوْمًا يَجْعَل الْوِلْدَان شِيبًا " [ الْمُزَّمِّل : 17 ] فَإِنَّمَا شَابُوا مِنْ الْفَزَع . وَأَمَّا سُورَة " هُود " فَلَمَّا ذَكَرَ الْأُمَم , وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل بَأْس اللَّه تَعَالَى , فَأَهْل الْيَقِين إِذَا تَلَوْهَا تَرَاءَى عَلَى قُلُوبهمْ مِنْ مُلْكه وَسُلْطَانه وَلَحَظَاته الْبَطْش بِأَعْدَائِهِ , فَلَوْ مَاتُوا مِنْ الْفَزَع لَحَقَّ لَهُمْ ; وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِسْمه يَلْطُف بِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحَايِين حَتَّى يَقْرَءُوا كَلَامه . وَأَمَّا أَخَوَاتهَا فَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ السُّوَر ; مِثْل " الْحَاقَّة " [ الْحَاقَّة : 1 ] و " سَأَلَ سَائِل " [ الْمَعَارِج : 1 ] و " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " [ التَّكْوِير : 1 ] و " الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : 1 ] , فَفِي تِلَاوَة هَذِهِ السُّوَر مَا يَكْشِف لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ سُلْطَانه وَبَطْشه فَتَذْهَل مِنْهُ النُّفُوس , وَتَشِيب مِنْهُ الرُّءُوس . [ قُلْت ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي شَيَّبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُورَة " هُود " قَوْله : " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت " [ هُود : 112 ] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ يَزِيد بْن أَبَان : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَة " هُود " فَلَمَّا خَتَمْتهَا قَالَ : ( يَا يَزِيد هَذِهِ الْقِرَاءَة فَأَيْنَ الْبُكَاء ) . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : يُقَال هَذِهِ هُود فَاعْلَمْ بِغَيْرِ تَنْوِين عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; لِأَنَّك لَوْ سَمَّيْت اِمْرَأَة بِزَيْدٍ . لَمْ تُصْرَف ; وَهَذَا قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ . وَعِيسَى بْن عُمَر يَقُول : هَذِهِ هُود بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; وَكَذَا إِنْ سَمَّى اِمْرَأَة بِزَيْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ وَسَطه خَفَّ فَصُرِفَ , فَإِنْ أَرَدْت الْحَذْف صَرَفْت عَلَى قَوْل الْجَمِيع , فَقُلْت : هَذِهِ هُود وَأَنْتَ تُرِيد سُورَة هُود ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا أَنَّك تَقُول هَذِهِ الرَّحْمَن , فَلَوْلَا أَنَّك تُرِيد هَذِهِ سُورَة الرَّحْمَن مَا قُلْت هَذِهِ .
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى اِبْن جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر , وحم , وَنُون , حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : " الر " أَنَا اللَّه أَرَى . قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات إِنْ شَرًّا فَا وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة " الر " قَسَم . وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة : " الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن . وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر . وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه , وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي . وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة . وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف .
بِمَعْنَى هَذَا كِتَاب .
فِي مَوْضِع رَفْع نَعْت لِ" كِتَاب " . وَأَحْسَن مَا قِيلَ فِي مَعْنَى " أُحْكِمَتْ آيَاته " قَوْل قَتَادَة أَيْ جُعِلَتْ مُحْكَمَة كُلّهَا لَا خَلَل فِيهَا وَلَا بَاطِل . وَالْإِحْكَام مَنْع الْقَوْل مِنْ الْفَسَاد , أَيْ نُظِمَتْ نَظْمًا مُحْكَمًا لَا يَلْحَقهَا تَنَاقُض وَلَا خَلَل . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَمْ يَنْسَخهَا كِتَاب , بِخِلَافِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى : أَحْكَمَ بَعْض آيَاته بِأَنْ جَعَلَ نَاسِخًا غَيْر مَنْسُوخ . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ . وَقَدْ يَقَع اِسْم الْجِنْس عَلَى النَّوْع ; فَيُقَال : أَكَلْت طَعَام زَيْد ; أَيْ بَعْض طَعَامه . وَقَالَ الْحَسَن وَأَبُو الْعَالِيَة : " أُحْكِمَتْ آيَاته " بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي .
بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب . وَقَالَ قَتَادَة : أَحْكَمَهَا اللَّه مِنْ الْبَاطِل , ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام . مُجَاهِد : أُحْكِمَتْ جُمْلَة , ثُمَّ بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آيَة آيَة بِجَمِيعِ مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ الدَّلِيل عَلَى التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة وَالْبَعْث وَغَيْرهَا . وَقِيلَ : جُمِعَتْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ , ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي التَّنْزِيل . وَقِيلَ : " فُصِّلَتْ " أُنْزِلَتْ نَجْمًا نَجْمًا لِتُتَدَبَّر . وَقَرَأَ عِكْرِمَة " فُصِلَتْ " مُخَفَّفًا أَيْ حُكِمَتْ بِالْحَقِّ .
أَيْ مِنْ عِنْد .
أَيْ مُحْكِم لِلْأُمُورِ .
بِكُلِّ كَائِن وَغَيْر كَائِن .
مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : " وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار " [ هُود : 114 ] . وَأَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ فِي مُسْنَده عَنْ كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اِقْرَءُوا سُورَة هُود يَوْم الْجُمُعَة ) . وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : يَا رَسُول اللَّه قَدْ شِبْت ! قَالَ : ( شَيَّبَتْنِي هُود وَالْوَاقِعَة وَالْمُرْسَلَات وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ) . قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب , وَقَدْ رُوِيَ شَيْء مِنْ هَذَا مُرْسَلًا . وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه فِي " نَوَادِر الْأُصُول " : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي جُحَيْفَة قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه نَرَاك قَدْ شِبْت ! قَالَ : ( شَيَّبَتْنِي هُود وَأَخَوَاتهَا ) . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : فَالْفَزَع يُورِث الشَّيْب وَذَلِكَ أَنَّ الْفَزَع يُذْهِل النَّفْس فَيُنَشِّف رُطُوبَة الْجَسَد , وَتَحْت كُلّ شَعْرَة مَنْبَع , وَمِنْهُ يَعْرَق , فَإِذَا اِنْتَشَفَ الْفَزَع رُطُوبَته يَبِسَتْ الْمَنَابِع فَيَبِسَ الشَّعْر وَابْيَضَّ ; كَمَا تَرَى الزَّرْع الْأَخْضَر بِسِقَائِهِ , فَإِذَا ذَهَبَ سِقَاؤُهُ يَبِسَ فَابْيَضَّ ; وَإِنَّمَا يَبْيَضّ شَعْر الشَّيْخ لِذَهَابِ رُطُوبَته وَيُبْس جِلْده , فَالنَّفْس تَذْهَل بِوَعِيدِ اللَّه , وَأَهْوَال مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ اللَّه , فَتَذْبُل , وَيُنَشِّف مَاءَهَا ذَلِكَ الْوَعِيد وَالْهَوْل الَّذِي جَاءَ بِهِ ; فَمِنْهُ تَشِيب . وَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " يَوْمًا يَجْعَل الْوِلْدَان شِيبًا " [ الْمُزَّمِّل : 17 ] فَإِنَّمَا شَابُوا مِنْ الْفَزَع . وَأَمَّا سُورَة " هُود " فَلَمَّا ذَكَرَ الْأُمَم , وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل بَأْس اللَّه تَعَالَى , فَأَهْل الْيَقِين إِذَا تَلَوْهَا تَرَاءَى عَلَى قُلُوبهمْ مِنْ مُلْكه وَسُلْطَانه وَلَحَظَاته الْبَطْش بِأَعْدَائِهِ , فَلَوْ مَاتُوا مِنْ الْفَزَع لَحَقَّ لَهُمْ ; وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِسْمه يَلْطُف بِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحَايِين حَتَّى يَقْرَءُوا كَلَامه . وَأَمَّا أَخَوَاتهَا فَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ السُّوَر ; مِثْل " الْحَاقَّة " [ الْحَاقَّة : 1 ] و " سَأَلَ سَائِل " [ الْمَعَارِج : 1 ] و " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " [ التَّكْوِير : 1 ] و " الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : 1 ] , فَفِي تِلَاوَة هَذِهِ السُّوَر مَا يَكْشِف لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ سُلْطَانه وَبَطْشه فَتَذْهَل مِنْهُ النُّفُوس , وَتَشِيب مِنْهُ الرُّءُوس . [ قُلْت ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي شَيَّبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُورَة " هُود " قَوْله : " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت " [ هُود : 112 ] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ يَزِيد بْن أَبَان : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَة " هُود " فَلَمَّا خَتَمْتهَا قَالَ : ( يَا يَزِيد هَذِهِ الْقِرَاءَة فَأَيْنَ الْبُكَاء ) . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : يُقَال هَذِهِ هُود فَاعْلَمْ بِغَيْرِ تَنْوِين عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; لِأَنَّك لَوْ سَمَّيْت اِمْرَأَة بِزَيْدٍ . لَمْ تُصْرَف ; وَهَذَا قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ . وَعِيسَى بْن عُمَر يَقُول : هَذِهِ هُود بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; وَكَذَا إِنْ سَمَّى اِمْرَأَة بِزَيْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ وَسَطه خَفَّ فَصُرِفَ , فَإِنْ أَرَدْت الْحَذْف صَرَفْت عَلَى قَوْل الْجَمِيع , فَقُلْت : هَذِهِ هُود وَأَنْتَ تُرِيد سُورَة هُود ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا أَنَّك تَقُول هَذِهِ الرَّحْمَن , فَلَوْلَا أَنَّك تُرِيد هَذِهِ سُورَة الرَّحْمَن مَا قُلْت هَذِهِ .
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى اِبْن جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر , وحم , وَنُون , حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : " الر " أَنَا اللَّه أَرَى . قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ : بِالْخَيْرِ خَيْرَات إِنْ شَرًّا فَا وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة " الر " قَسَم . وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة : " الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن . وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر . وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه , وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي . وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة . وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف .
بِمَعْنَى هَذَا كِتَاب .
فِي مَوْضِع رَفْع نَعْت لِ" كِتَاب " . وَأَحْسَن مَا قِيلَ فِي مَعْنَى " أُحْكِمَتْ آيَاته " قَوْل قَتَادَة أَيْ جُعِلَتْ مُحْكَمَة كُلّهَا لَا خَلَل فِيهَا وَلَا بَاطِل . وَالْإِحْكَام مَنْع الْقَوْل مِنْ الْفَسَاد , أَيْ نُظِمَتْ نَظْمًا مُحْكَمًا لَا يَلْحَقهَا تَنَاقُض وَلَا خَلَل . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَمْ يَنْسَخهَا كِتَاب , بِخِلَافِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى : أَحْكَمَ بَعْض آيَاته بِأَنْ جَعَلَ نَاسِخًا غَيْر مَنْسُوخ . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ . وَقَدْ يَقَع اِسْم الْجِنْس عَلَى النَّوْع ; فَيُقَال : أَكَلْت طَعَام زَيْد ; أَيْ بَعْض طَعَامه . وَقَالَ الْحَسَن وَأَبُو الْعَالِيَة : " أُحْكِمَتْ آيَاته " بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي .
بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب . وَقَالَ قَتَادَة : أَحْكَمَهَا اللَّه مِنْ الْبَاطِل , ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام . مُجَاهِد : أُحْكِمَتْ جُمْلَة , ثُمَّ بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آيَة آيَة بِجَمِيعِ مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ الدَّلِيل عَلَى التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة وَالْبَعْث وَغَيْرهَا . وَقِيلَ : جُمِعَتْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ , ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي التَّنْزِيل . وَقِيلَ : " فُصِّلَتْ " أُنْزِلَتْ نَجْمًا نَجْمًا لِتُتَدَبَّر . وَقَرَأَ عِكْرِمَة " فُصِلَتْ " مُخَفَّفًا أَيْ حُكِمَتْ بِالْحَقِّ .
أَيْ مِنْ عِنْد .
أَيْ مُحْكِم لِلْأُمُورِ .
بِكُلِّ كَائِن وَغَيْر كَائِن .
كتب عشوائيه
- تناقضاتهذه محاضرة للشيخ عبدالعزيز السدحان فرغها في كتاب الأخ إبراهيم السبتي وأعاد صياغتها الأخ بندر الشويقي، وتحدث الشيخ فيها عن أربعة وثلاثين مسألة يكون فيها تناقض شرعي بين الناس، بعد ذكر أسباب ذلك، ومن أمثلتها الفتوى مع قلة العلم، وتزويج تارك الصلاة وترك غيره، والتعامل مع الخادمات بقسوة في الطعام والشراب والتساهل معها في كشف الوجه، إلى غير ذلك...
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/261643
- الرد العلمي على كتاب تذكير الأصحاب بتحريم النقابرد علمي على كتاب تذكير الأصحاب بتحريم النقاب. قدم للكتاب: معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -.
المؤلف : محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/244335
- إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضانالكتاب عبارة عن ثلاثين درسًا تتضمن التذكير بفضائل هذا الشهر المبارك والحث على الجد والاجتهاد فيه، واغتنام أيامه ولياليه مع الإشارة إلى بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام والقيام.
المؤلف : صالح بن فوزان الفوزان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/53513
- من مشاهد القيامة وأهوالها وما يلقاه الإنسان بعد موتهفي هذه الرسالة التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية والإعراض عن الآخرة الباقية، ثم ذكر بعض أهوال يوم القيامة، ثم ذكر وصف جنات النعيم وأهلها، ثم ذكر أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار.
المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209203
- انطلق بناانطلق بنا: قال المصنف - حفظه الله -: «انطلق بنا نقلب كتب الحديث والتاريخ والسير والتراجم، انطلق بنا نعود قرونا مضت لنرى تاريخًا مضيئًا وأفعالاً مجيدة، خرجت من نفوس مليئة بالصدق والإيمان. انطلق بنا نجدد إيماننا، ونحيي هممنا، ونقوي عزائمنا. إنها وقفات سريعة ونماذج حية اخترتها بعناية وهي غيض من فيض وقليل من كثير.. فسجل الأمة تاريخ حافل مشرق مليء بالدر والآلئ يحتاج إلى من يقرأه وينظر إليه، ويتأمل فيه».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229617












